من حصول الشبهة والشبهة تدفع الحد للحديث, وهذا الذي جزم به المصنف جزم به أيضا الآمدي وابن الحاجب، ولم يرجح الإمام شيئا، بل نقل المذكور هنا عن بعض الفقهاء فقط، ثم قال: وأنكره المتكلمون، نعم كلامه في هذا القسم وفي الذي قبله يميل إلى ما اختاره المصنف؛ لأنه استدل له، وكذلك فعل أتباعه كصاحب الحاصل. قال: "السابع: يعمل أكثر السلف". أقول: الوجه السابع: الترجيح بالأمر الخارجي كما قاله الإمام، فيرجح أحد الخبرين على الآخر بعمل أكثر السلف خلافا لبعضهم؛ لأن الأكثر يوافق الصواب ما لا يوافق له الأقل، ولم يرجح الإمام شيئا بل نقل الترجيح عن عيسى بن أبان فقط، ثم نقل عن آخرين أنه لا يفيد ترجيحا لكونه ليس بحجة، وذكر صاحب الحاصل نحوه أيضا، والتعبير بأكثر السلف عبر به الإمام أيضا، وهو يقتضي أن ما دون ذلك لا يحصل به الترجيح، وهو مخالف لما جزم به الآمدي واقتضاه كلام ابن الحاجب، وهذا في غير الصحابة، أما الصحابة فإن قول بعضهم كافٍ في الرجحان كما جزم به الإمام. "فصل: في أمور أخرى يحصل بها الترجيح" ذكرها الإمام وأهملها المصنف، الأول: أن يكون طريق إحدى الروايتين يقل فيها اللبس، كما إذا أخبر أنه شاهد زيدا بالبصرة قبل الظهر، فإنه يرجح على من أخبر أنه شاهده ببغداد وقت السحر. الثاني: أن يذكر المزكي سبب العدالة. الثالث: أن يجزم أحدهما ويقول الآخر: كذا فيما أظن. الرابع: يرجح الحديث القولي على الفعلي؛ لأن القول أدل، وهذا قد سبق من كلام المصنف. الخامس: يرجح المسند على المرسل إن قلنا بقبوله، وقال عيسى بن أبان: يقدم المرسل, وقال القاضي عبد الجبار: يستويان. السادس: رجح قوم الحرية والذكورة قياسا على الشهادة، قال: وفيه احتمال. السابع: يرجح اللفظ المتفق على وضعه المسمى عن اللفظ المختلف فيه. الثامن: أن يكون أحدهما قد نص على الحكم مع تشبيهه بمحل آخر، والآخر ليس كذلك، فإنه يقدم الأول في المشبه والمشبه به جميعا؛ لأن تشبيه محل بمحل فيه إشارة إلى وجود علة جامعة، مثاله قول الحنفية في قوله -عليه الصلاة والسلام: "أيما إهاب دبغ فقد طهر "1 كالخمر تخلل فتحل: إن هذا رجح في المشبه على قوله -عليه الصلاة والسلام: "لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب" 2 وفي المشبه به على قوله -عليه الصلاة والسلام: "في الخمر أرقها". التاسع: التأكيد كالتكرار في قوله: "فنكاحها باطل, فنكاحها باطل, فنكاحها باطل". فصل في مرجحات أخرى ذكرها ابن الحاجب تبعا للآمدي، فيروح بتفسير الراوي قولا وفعلا، ويقربه عند السماع, وبقراءة الشيخ وعمل أهل