توريثه مع الإخوة، وإلى هذين الشرطين الضعيفين أشار بقوله: وشرط كذا وكذا، وهو مبني للمفعول، ثم رد المصنف هذين الشرطين, بأن ظن وجود الحكم في الفرع حاصل عند ظن وجود العلة فيه من غير وجود الشرطين المذكورين، والعمل بالظن واجب، وشرط الآمدي وابن الحاجب أن لا يكون حكم الفرع منصوصا عليه، وادعى الآمدي أنه لا خلاف فيه, قال: لأن كلا منهما إذا كان منصوصا عليه فليس قياس أحدهما على الآخر بأولى من العكس, وهذا الشرط نقله الإمام عن بعضهم، ثم نقل عن الأكثرين أنه لا يشترط. قال: لأن ترادف الأدلة على المدلول الواحد جائز. قال: "تنبيه: يستعمل القياس على وجه التلازم، ففي الثبوت يجعل حكم الأصل ملزوما، وفي النفي نقيضه لازما، مثل: لما وجبت الزكاة في مال البالغ للمشترك بينه وبين مال الصبي وجبت في ماله، ولو وجبت في الحلي لوجبت في اللآلئ قياسا عليه، واللازم منتفٍ فالملزوم مثله". أقول: اعلم أن أهل الزمان يستعملون القياس الشرعي على وجه التلازم، أي: على النوع المسمى عند المنطقيين بالقياس الاستثنائي، فيثبتون به الحكم تارة وينفونه أخرى، وأراد المصنف التنبيه عليه في آخر القياس فلذلك سماه تنبيها، فطريق استعماله أنه إن كان المقصود إثبات الحكم فيجعل حكم الأصل ملزوما لحكم الفرع، وتجعله العلة المشتركة بين الأصل والفرع دليلا على الملازمة؛ وحينئذ فيلزم من ثبوت حكم الأصل ثبوت حكم الفرع؛ لأنه يلزم من وجود الملزوم وجود اللازم، وإن كان المقصود نفي الحكم فيجعل حكم الفرع ملزوما، ونقيض حكم الأصل لازما، وتجعل العلة المشتركة دليلا على الملازمة أيضا، وحينئذ فيلزم من نفي اللازم نفي الملزوم. مثال الأول أن يعدل عن قول القائل: تجب الزكاة على الصبي قياسا على البالغ بجامع ملك النصاب، أو دفع حاجة الفقير، إلى قولك: لما وجبت الزكاة في مال البالغ للعلة المشتركة بينه وبين مال الصبي، وهي ملك النصاب أو دفع حاجة الفقير, لزم أن تجب في مال الصبي، فقد جعلنا ما كان أصلا ملزوما لما كان فرعا، وجعلنا العلة الجامعة دليلا على التلازم. ومثال الثاني: أن يعدل عن قول القائل: لا زكاة في الحلي قياسا على اللآلئ بجامع الزينة، إلى قولنا: لو وجبت الزكاة في الحلي لوجبت في اللآلئ، واللازم منتفٍ لأنها لا تجب في اللآلئ فالملزوم مثله، ووجه الملازمة اشتراكهما في الزينة، ولما كانت المقدمة المنتجة في المثال الأول إنما هو إثبات الملزوم, استعمل المصنف فيه لفظ لما، لإعادتها ذلك، ولما كانت المقدمة المنتجة في المثال الثاني إنما هو نفي اللازم، استعمل المصنف فيه لفظ لو؛ لكونها دالة على امتناع الشيء لامتناع غيره. قال: