النقض وهو إبداء أو صنف بدون الحكم، مثل أن نقول لمن لم يبيت: تعرى أول صومه عن النية، فلا يصح, فينتقض بالتطوع، قيل: يقدح, وقيل: لا مطلقا، وقيل: في المنصوصة، وقيل: حيث مانع، وهو المختار، وقياسا على التخصيص، والجامع جمع الدليلين، ولأن الظن باقٍ بخلاف ما إذا لم يكن مانع، قيل: العلة ما يستلزم الحكم، وقيل: انتفاء المانع لم يستلزمه، قلنا: بل إما يغلب على ظنه وإن لم يخطر المانع وجودا أو عدما, والوارد استثناء لا يقدح كمسألة العرايا؛ لأن الإجماع أدل على النقض". لما فرغ المصنف من الطرق الدالة على كون الوصف علة, شرع في الطرق الدالة على كونه ليس بعلة وهي ستة: النقض، وعدم التأثير، والكسر، والقلب بالموجب، والفرق الأول النقض، وهو إبداء الوصف المدعى عليته بدون وجود الحكم في صورة يعبر عنه بتخصيص الوصف، كقول الشافعي في حق من لم يبيت النية: تعرى أول صومه عنها, فلا يصح فيجعل عراء أول الصوم عن النية علة لبطلانه، فيقول الحنفي: هذا ينتقض بصوم التطوع, فإنه يصح بدون التبييت فقد وجدت العلة وهو العراء بدون الحكم وهو عدم الصحة، إذا علمت هذا فنقول: النقض إن كان واردا على سبيل الاستثناء كالعرايا فسيأتي أنه لا يقدح، وإن لم يكن كذلك ففيه أربعة أقوال, أحدها: يقدح مطلقا سواء كانت العلة منصوصة أو مستنبطة وسواء كان تخلف الحكم عن الوصف لمانع أم لا, واختاره الإمام فخر الدين، وقال الآمدي: إنه الذي ذهب إليه أكثر أصحاب الشافعي في العلة المستنبطة، قال: وقيل: إنه منقول عن الشافعي نفسه، وتوجيه كون النقض قادحا في العلة المنصوصة ما قاله الغزالي، وهو أنا نتبين بعد وروده أن ما ذكر لم يكن تمام العلة بل جزءا منها، كقولنا: خارج, فينقض الطهر أخذا من قوله -عليه الصلاة والسلام: "الوضوء بما خرج" 1 ثم إنه لم يتوضأ من الحجامة، فنعلم أن العلة هو الخروج من المخرج المعتاد لا مطلق الخروج، والثاني: لا يقدح مطلقا، والثالث: لا يقدح في العلة المنصوصة سواء حصل مانع أم لا، ويقدح في العلة المستنبطة مطلقا، والرابع, اختاره المصنف: لا يقدح حيث وجد مانع مطلقا، سواء كانت العلة منصوصة أو مستنبطة، فإن لم يكن مانع قدح مطلقا، وإلى المذهبين الأخيرين أشار بقوله: وقيل في المنصوصة وقيل: حيث مانع، وتقديره وقيل: لا يقدح في المنصوصة، وقيل: لا يقدح حيث مانع، وإنما لم يصرح بالنفي لكونه معطوفا على منفي، واختار ابن الحاجب أنه إن كانت مستنبطة فلا يجوز تخصيصها إلا لمانع، أو انتفاء شرط، وإن كانت منصوصة فإنها تختص بالنص المنافي لحكمها، وحينئذ فيقدر المانع في صورة التخلف، وذكر الآمدي نحوه أيضا. قوله: "قياسا" أي: الدليل على ما قلناه من وجهين أحدهما: قياس النقض على التخصيص، فكما أن التخصيص

طور بواسطة نورين ميديا © 2015