"الباب الثاني: في أركانه إذا ثبت الحكم في صورة المشترك بينها وبين غيرها، تسمى الأولى أصلا والثانية فرعا، والمشترك علة وجامعا، وجعل المتكلمون دليل الحكم في الأصل أصلا، والإمام الحكم في الأولى أصلا والعلة فرعا، وفي الثانية بالعكس. وبيان ذلك في فصلين: الفصل الأول: في العلة وهي المعرف الحكم, قيل: المستنبطة عرفت به, فيدور قلنا: تعريفه في الأصل وتعريفها في الفرع فلا دور". أقول: شرع المصنف في بيان أركان القياس وهي أربعة: الأصل, والفرع، والوصف الجامع بينهما، وحكم الأصل؛ فإن قيل: أهملتم خامسا وهو حكم الفرع قلنا: أجاب الآمدي بأن حكم الفرع ثمرة القياس، فلو كان من أركانه لتوقف القياس عليه وهو دور, وفيه نظر؛ فإن ثمرة القياس إنما هو العلم بالحكم لا نفس الحكم. فالأولى أن يجاب بأن حكم الفرع في الحقيقة هو حكم الأصل، وإن كان غيره باعتبار المحل كما تقدم في تعريف القياس، ثم إن المصنف لما بين الحكم في أول الكتاب لم يتعرض هنا إلى بيانه، واقتصر على بيان الأركان الثلاثة، فقال: إنه إذا ثبت حكم في صورة الأمر مشترك بينها وبين صورة أخرى كثبوت الحرمة في الخمر للإسكار المشترك بينها وبين النبيذ، فإن الصورة الأولى وهي الخمر تسمى أصلا, والصورة الثانية وهي النبيذ تسمى فرعا، والمشترك وهو الإسكار يسمى علة وجامعا، وهذا هو رأي الفقهاء, ونقله ابن الحاجب عن الأكثرين. وقال الآمدي: إنه الأشبه لافتقار النص والحكم إلى المحل بالضرورة من غير عكس, وجعل المتكلمون الأصل هو دليل الحكم في الذي سميناه أصلا كالدليل الدال على تحريم الخمر في مثالنا, وقياسه أن يكون فرعه المقابل له هو حكم المحل المشبه كتحريم الخمر، وفي بعض الشروح أن فرعه المقابل له هو حكم المحل المشبه كتحريم النبيذ، قال: وهو صحيح