فلا يكون الخطاب متناولا لخواص أهل العصر الثاني، لما قلناه أولا, ولا لعوامهم لما قلناه ثانيا. وإذا لم يكونوا مخاطبين به لم تبق فيه دلالة على هذه المسألة؛ لأن الكلام في اتفاق العصر الثاني، وفي الجواب نظر؛ لأن خطاب المشافهة يعم بأدلة خارجية وإلا لم يكونوا مأمورين الآن وهو باطل. وأيضا فالمسألة باقية بحالها في العوام المخاطبين. وذلك فيما إذا بلغوا رتبة الاجتهاد واتفقوا بعد انقراض أولئك, ولأجل ما قلناه لم يذكر الإمام ولا صاحب الحاصل هذا الجواب، بل أجابا بتخصيص الحديث. الثالث: أن اختلاف أهل العصر الأول على قولين مثلا إجماع منهم على التخيير، أي: جواز الأخذ بكل منها, فلو كان الاتفاق على أحدهما إجماعا مانعا من الأخذ بخلافه للزم تعارض الإجماعين. وأجاب المصنف بقوله: قلنا: ممنوع أي لا نسلم أن اختلافهم إجماع على التغيير, فإن كل واحد من الفريقين يعتقد خطأ الآخر, أو معناه: لا نسلم أن هذا الإجماع الذي على التخيير يعارضه الإجماع الآخر, وإنما يلزم ذلك أن لو لم يكن الإجماع الأول مشروطا بعدم الإجماع الثاني وليس كذلك بل هو مشروط بعدمه. فإذا وجد زال الأول لزوال شرطه، وهذا الجواب هو المذكور في المحصول والحاصل، وقد وقع التصريح به في بعض النسخ فقال: قلنا: زال بزوال شرطه. قال: "الخامسة: إذا اختلفوا فماتت إحدى الطائفتين يصير قول الباقين حجة؛ لكونه قول كل الأمة. السادسة: إذا قال البعض وسكت الباقون, فليس بإجماع ولا حجة. وقال أبو علي: إجماع بعضهم، وقال ابنه: هو حجة. لنا أنه ربما سكت لتوقف أو خوف أو تصويب كل مجتهد قيل: يتمسك بالقول المنتشر ما لم يعرف له مخالف, وجوابه المنع وأنه إثبات الشيء بنفسه. فرع: قول البعض فيما تعم به البلوى, ولم يسمع خلافه, كقول البعض وسكوت الباقين". أقول: إذا اختلف أهل العصر على قولين ثم ماتت إحدى الطائفتين أو ارتدّت كما قاله في المحصول1, فإنه يصير قول الباقين حجة لكونه قول كل الأمة, وهذا هو الذي جزم به الإمام وأتباعه, وصرحوا بكونه إجماعا أيضا، وهو يؤخذ من تعليل المصنف. وذكر ابن الحاجب هذه المسألة في أثناء اتفاق أهل العصر الثاني على أحد قولي العصر الأول، وحكى عن الأكثرين أنه لا يكون إجماعا، وذكر الآمدي نحوه أيضا. المسألة السادسة: إذا قال بعض المجتهدين قولا وعرف به الباقون, فسكتوا عنه ولم ينكروا عليه, ففيه مذاهب أصحها عند الإمام: أنه لا يكون إجماعا ولا حجة لما سيأتي، ثم قال هو والآمدي: إنه مذهب الشافعي، وقال في البرهان: إنه ظاهر مذهب الشافعي، وقال الغزالي في المنخول: نص عليه الشافعي في الحديث, والثاني وهو مذهب أبي علي الجبائي: أنه إجماع بعد انقراض عصرهم؛ لأن استمرارهم على السكوت إلى الموت يضعف الاحتمال. والثالث: قال أبو هاشم بن أبي علي: إنه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015