الثوري1 ليس بحجة حتى يجوز التمسك به، بل يجوز أن يكون هو من المخالفين في هذه المسألة، ولم يجب الإمام ولا أتباعه عن هذا وكأنهم تركوه لوضوحه. قال: "الثالثة: يجوز الاتفاق بعد الاختلاف خلافا للصيرفي. لنا الإجماع على الخلافة بعد الاختلاف، وله ما سبق. الرابعة: الاتفاق على أحد قولي الأولين، كالاتفاق على حرمة بيع أم الولد، والمتعة إجماع خلافا لبعض الفقهاء والمتكلمين، لنا أنه سبيل المؤمنين, قيل: فإن تنازعتم أوجب الرد إلى الله تعالى قلنا: زال الشرط قيل: "أصحابي كالنجوم, بأيهم اقتديتم اهتديتم" 2 قلنا: الخطاب مع العوام الذين في عصره, قيل: اختلافهم إجماع على التخيير, قلنا: ممنوع". أقول: هل يجوز اتفاق أهل العصر على الحكم بعد اختلافهم فيه, ينبني على أن انقراض العصر أي: موت المجمعين هل هو شرط في اعتبار الاجماع؟ فيه خلاف يأتي؛ فإن قلنا باعتبار موتهم فلا إشكال في جواز اتفاقهم بعد الاختلاف. وإن قلنا: إن موتهم لا يعتبر ففي جواز اتفاقهم مذاهب, أحدها: أنه ممتنع ونقله في البرهان عن القاضي ونقله المصنف تبعا للإمام عن الصيرفي. والثاني: يجوز, واختاره الإمام وأتباعه وابن الحاجب. والثالث: إن لم يستقر الخلاف جاز وإلا فلا، وهذا التفصيل هو مختار إمام الحرمين, فإنه قال بعد حكاية القولين الأولين: والرأي الحق عندنا كذا وكذا، واختاره أيضا الآمدي، وإذا قلنا بالجواز ففي الاحتجاج به مذهبان، اختار ابن الحاجب أنه يحتج به ونقله في البرهان عن معظم الأصوليين, واستدلال المصنف يقتضيه. "قولنا" أي: الدليل على الجواز إجماع الصحابة على خلافة أبي بكر بعد اختلافهم فيها، ولك أن تقول: لا نسلم أن هذا الإجماع كان بعد استقرار الخلافة، وحينئذ فلا يطابق الدعوى؛ لأنهم أعم, سلمنا لكن الخلافة لا تتوقف على الإجماع، بل يجب الانتباه إليها بمجرد البيعة. قوله: "وله ما سبق" أي: وللصيرفي من الأدلة ما سبق في المسألة الأولى، وهو أن اختلاف الأمة على قولين إجماع على جواز الأخذ بكل منهما اجتهادا وتقليدا. فلو جاز الاتفاق بعد ذلك لكان يجب الأخذ بالقول الذي اتفقوا عليه، ويلزم من ذلك رفع الإجماع بالإجماع وهو باطل, وجوابه ما تقدم أيضا، وهو أن الإجماع على التغيير مشروط بعدم الاتفاق، فإذا اتفقوا فيزول بزوال شرطه. المسألة الرابعة: إذا اختلف أهل العصر على قولين ثم حدث بعدهم مجتهدون آخرون, فقال الإمام أحمد والأشعري وغيرهما: يستحيل اتفاقهم على أحد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015