الْعَطَّارِينَ وَالْبَزَّازِينَ، لِعَدَمِ الْمُجَانَسَةِ بَيْنَهُمْ، وَحُصُولِ الْأَضْرَارِ.

[فَصَلِّ لِلْمُحْتَسِبِ أَنْ يَجْعَل لِأَهْلِ كُلّ صَنِعَة عَرِيفًا مِنْ صَالِح أَهْلهَا]

فَصْلٌ وَلَمَّا لَمْ تَدْخُلْ الْإِحَاطَةُ بِأَفْعَالِ السُّوقَةِ تَحْتَ وُسْعِ الْمُحْتَسِبِ، جَازَ لَهُ أَنْ يَجْعَلَ لِأَهْلِ كُلِّ صَنْعَةٍ عَرِيفًا مِنْ صَالِحِ أَهْلِهَا، خَبِيرًا بِصِنَاعَتِهِمْ، بَصِيرًا بِغُشُوشِهِمْ وَتَدْلِيسَاتِهِمْ، مَشْهُورًا بِالثِّقَةِ وَالْأَمَانَةِ، يَكُونُ مُشْرِفًا عَلَى أَحْوَالِهِمْ، وَيُطَالِعُهُ بِأَخْبَارِهِمْ، وَمَا يُجْلَبُ إلَى سُوقِهِمْ مِنْ السِّلَعِ وَالْبَضَائِعِ، وَمَا تَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ مِنْ الْأَسْعَارِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَسْبَابِ الَّتِي يَلْزَمُ الْمُحْتَسِبُ مَعْرِفَتَهَا. فَقَدْ رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ. «اسْتَعِينُوا عَلَى كُلِّ صَنْعَةٍ بِصَالِحِ أَهْلِهَا» .

[فَصْلٌ هَلْ يَجُوز لِلْمُحْتَسِبِ تَسْعِير الْبَضَائِع عَلَى أَرْبَابهَا]

فَصْلٌ وَلَا يَجُوزُ لِلْمُحْتَسِبِ تَسْعِيرُ الْبَضَائِعِ عَلَى أَرْبَابِهَا، وَلَا أَنْ يُلْزِمَهُمْ بَيْعَهَا بِسِعْرٍ مَعْلُومٍ؛ لِأَنَّ السِّعْرَ غَلَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ: «سَعِّرْ لَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُسَعِّرُ، وَإِنِّي لِأَرْجُوَ أَنْ أَلْقَى اللَّهَ، وَلَيْسَ أَحَدٌ يُطَالِبُنِي بِمَظْلِمَةٍ فِي نَفْسٍ، وَلَا مَالٍ» .

وَإِذَا رَأَى الْمُحْتَسِبُ أَحَدًا قَدْ احْتَكَرَ الطَّعَامَ مِنْ سَائِرِ الْأَقْوَاتِ، وَهُوَ أَنْ (7 أ) يَشْتَرِيَ ذَلِكَ فِي وَقْتِ الرَّخَاءِ، وَيَتَرَبَّصُ بِهِ [الْغَلَاءَ] ، فَيَزْدَادُ ثَمَنُهُ، أَلْزَمهُ بَيْعَهُ إجْبَارًا؛ لِأَنَّ الِاحْتِكَارَ حَرَامٌ، وَالْمَنْعُ مِنْ فِعْلِ الْحَرَامِ، وَاجِبٌ.

وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْجَالِبُ مَرْزُوقٌ، وَالْمُحْتَكِرُ مَلْعُونٌ»

طور بواسطة نورين ميديا © 2015