َ يُفَرِّقُهُمْ الْمُحْتَسِبُ عَلَى الدُّرُوبِ، وَالْمَحَالِّ وَأَطْرَافِ الْبَلَدِ، لِمَا فِيهِمْ مِنْ الْمَرَافِقِ وَعِظَمِ حَاجَةِ النَّاسِ إلَيْهِمْ، وَيَأْمُرُهُمْ بِإِصْلَاحِ الْمَدَاخِنِ، وَتَنْظِيفِ بَلَاطِ الْفُرْنِ فِي كُلِّ سَاعَةٍ، مِنْ اللُّبَابِ الْمُحْتَرِقِ، وَالشَّرَرِ الْمُتَطَايِرِ، وَالرَّمَادِ الْمُتَنَاثِرِ، لِئَلَّا يَلْصَقَ فِي أَسْفَلِ الْخُبْزِ مِنْهُ شَيْءٌ، وَيَجْعَلُ [الْفَرَّانُ] بَيْنَ يَدَيْهِ إجَّانَةً نَظِيفَةً لِلْمَاءِ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ الْخُبْزِ أَرَاقَ مَا بَقِيَ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ إذَا بَقِيَ فِيهَا تَغَيَّرَتْ رَائِحَتُهُ، ثُمَّ يَغْسِلُهَا مِنْ الْغَدِ، وَيَتَعَاهَدُ جُرُفَ الدُّفِّ (12 أ) الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ؛ لِأَنَّ الْعَجِينَ يَلْصَقُ عَلَيْهِ، وَإِذَا كَثُرَتْ عِنْدَهُ أَطْبَاقُ الْعَجِينِ لِلنَّاسِ، أَخْرَجَ خُبْزَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِعَلَامَةٍ يَتَمَيَّزُ بِهَا عَلَى غَيْرِهِ، لِئَلَّا يَخْتَلِطَ الْجَمِيعُ فَلَا يُعْرَفُ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ مَخْبِزَانِ: أَحَدُهُمَا - لِلْخُبْزِ، وَالْآخَرُ - لِلسَّمَكِ، وَيَجْعَلُ السَّمَكَ بِمَعْزِلٍ عَنْ الْخُبْزِ، لِئَلَّا يَسِيلَ شَيْءٌ مِنْ دُهْنِهِ عَلَى الْخُبْزِ، وَلَا يَأْخُذُ مِنْ الْعَجِينِ زِيَادَةً عَمَّا جُعِلَ لَهُ.
وَقَدْ يَكُونُ الدُّفُّ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ مَثْقُوبًا، أَوْ يَكُونُ قِطْعَتَيْنِ، وَبَيْنَهُمَا فُرْجَةٌ، فَإِذَا أَخَذَ دَقِيقَ النَّاسِ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَنَحَتَهُ بِأَصَابِعِهِ، فَيَنْزِلُ مِنْ بَيْنِ الدَّفَّتَيْنِ إلَى إجَّانَةٍ [أُخْرَى] لَهُ؛ فَيُرَاعِيهِ الْمُحْتَسِبُ وَيَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ، وَيَكُونُ غِلْمَانُهُمْ، وَأُجَرَاؤُهُمْ صِبْيَانًا دُونَ الْبُلُوغِ؛ لِأَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ بُيُوتَ النَّاسِ [، وَعَلَى نِسَائِهِمْ] ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.