سرّهما عليه، ليكون مختصا بنسب جعله الله للنبوة غاية، ولتفرّده نهاية، فلا يشارك فيه ولا يماثل، فلذلك مات أبواه في صغره، فهو سلالة اباء كرام، ليس فيهم مسترذل ولا مستبذل، بل كلهم سادة قادة، وشرف النسب وطهارة المولد من شروط النبوّة، ولبعضهم:

تنقّل أحمد نورا مبينا ... تلألأ في وجوه الساجدينا

تقلّب فيهم قرنا فقرنا ... إلى أن جاء خير المرسلينا

روى عن هشام بن محمد السائب الكلبى عن أبيه قال: «كتبت للنبى صلّى الله عليه وسلّم خمسمائة أم، فما وجدت فيهن سفاحا ولا شيئا مما كان في الجاهلية» . انتهي.

ولعل هؤلاء الأمهات من جهة الأصلين، أى أمهات أبيه وأمه، وأمهات ابائهم وأمهاتهم؛ لإمكان السنين التي تحسب فيها الأجيال.

وعن علي بن أبى طالب رضى الله عنه أن النبى صلّى الله عليه وسلّم قال: «خرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح من لدن ادم إلى أن ولدنى أبى وأمي، لم يصبنى من سفاح الجاهلية شيء» (?) ومن ثمّ ورد عن ابن عباس مرفوعا «لم يلتق أبواى قط على سفاح، ولم يزل الله ينقلنى من الأصلاب الطيبة إلى الأرحام الطاهرة مصفّى مهذبا؛ لا تتشعب شعبتان إلا كنت في خيرهما» (?) . وبالجملة فكان نكاح النبي صلّى الله عليه وسلّم كنكاح الإسلام في أنه بإيجاب وقبول، وإن لم يكن مستجمعا للشروط التى اعتبرت فيما بعد في نكاح الإسلام؛ لأن استيفاء شروطه الإسلامية كان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015