وسار صلّى الله عليه وسلّم إلى تبوك، واستخلف عليّا رضى الله عنه على المدينة، وعلى عياله، فقال علي: أتخلفنى في الصبيان والنساء؟! قال: «ألا ترضى يا على أن تكون منى بمنزلة هارون من موسى؟ غير أنه لا نبيّ بعدي» (?) . وليس المراد من هذا الحديث أن جميع المنازل الثابتة لهارون من موسى سوى النبوة ثابتة لعلى من النبى صلّى الله عليه وسلّم، وإلا لما صحّ الاستثناء [كما تزعم الشيعة والرافضة] مستدلين به على استحقاقه الخلافة بعده صلّى الله عليه وسلّم، بل المراد أن عليّا خليفة عن النبى صلّى الله عليه وسلّم مدة غيبته بتبوك، كما كان هارون خليفة عن موسى مدة غيبته للمناجاة، وأما الإستثناء فمنقطع، والمعنى: لكنك لست نبيّا كهارون؛ لأنه لا نبى بعدي، ولئن سلم أن الحديث يعمّ المنازل كلّها فهو عام مخصوص؛ إذ من منازل هارون كونه أخا نبي (?) ، والعام المخصوص غير حجّة في الباقي، أو حجة ضعيفة على الخلاف (?) .

وكان مع النبى صلّى الله عليه وسلّم ثلاثون ألفا، وكانت الخيل عشرة الاف، وتخلّف عبد الله ابن أبيّ [المنافق] ومن تبعه من أهل النفاق، وتخلف ثلاثة من الصحابة، وهم: كعب بن مالك، ومرارة بن الربيع، وهلال بن أمية، ولم يكن لهم عذر، ثم رجع النبى صلّى الله عليه وسلّم إلى المدينة بعد أن أقام بتبوك بضع عشرة ليلة لم يجاوزها، وكان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فركع فيه ركعتين، ثم يجلس الناس، فلما فعل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015