قريش الذى كانوا يأخذونه إلي الشام، وبلغ المسلمين الذين كانوا احتبسوا بمكة قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ويلمه مسعر حرب لو كان معه رجال» ، فخرجوا إلى أبي بصير، فاجتمع إليه قريب من سبعين رجلا منهم، وذكر موسى بن عقبة أن أبا جندل بن سهيل بن عمرو الذي ردّ إلي قريش بالحديبية مكرها يوم الصلح والقضية هو الذي انفلت في سبعين راكبا، أسلموا وهاجروا فلحقوا بأبي بصير، ونزلوا معه، وكرهوا أن يقدموا علي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في تلك المدة التي هى زمن الهدنة، خوف أن يردّهم إلي أهليهم حكم الشروط. واجتمع إلى أبى جندل أناس من غفار وأسلم وجهينة، وطوائف من العرب حتى بلغوا ثلاثمائة مقاتل، وهم مسلمون، فأقاموا مع أبي جندل وأبي بصير، فقطعوا مادة قريش، لا يظفرون بأحد منهم إلا قتلوه، ولا تمرّ بهم عير لقريش إلا أخذوها وقتلوا أصحابها، وقال فى ذلك أبو جندل:
أبلغ قريشا عن أبي جندل ... أنّا بذي المروة بالساحل
في معشر تخفق أيمانهم ... بالبيض فيها والقنا الذابل
يأبون أن تبقي لهم رفقة ... من بعد إسلامهم الواصل
أو يجعل الله لهم مخرجا ... والحقّ لا يغلب بالباطل
فيسلم المرء بإسلامه ... أو يقتل المرء ولا يأتل
فأرسلت قريش أبا سفيان بن حرب إلي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يسألونه ويتضرعون إليه ويناشدونه بالله والرّحم أن يرسل إلى أبي بصير (?) وأبي جندل (?) بن