ذوب الملح في الماء» (?) .
وكان عليه الصلاة والسلام كلما مرّ على دار من دور الأنصار يدعونه إلى المقام عندهم يقولون: يا رسول الله هلم إلينا، إلى القوة والمنعة. فيقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «خلّوا سبيل الناقة فإنها مأمورة من قبل الله تعالى» وقد أرخى زمامها وما يحرّكها، وهى تنظر يمينا وشمالا، حتى إذا أتت دار مالك بن النجار بركت حيث مسجده الشريف الان، ثم سارت وهو صلّى الله عليه وسلّم عليها، ومشت حتّى بركت على باب أبى أيوب الأنصارى رضى الله عنه، من بنى مالك بن النجار، من كبار الصحابة، شهد بدرا والمشاهد، ثم قامت ومشت والتفتت خلفها، ثم رجعت إلى منزلها أوّل مرة بمحلّ باب المسجد، وبركت فيه، ثم تجلجلت (بجيمين) أى تحركت وألقت عنقها بالأرض وصوّتت من غير أن تفتح فاها، فنزل عنها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وقال: «هذا المنزل إن شاء الله تعالى، اللهم أنزلنا منزلا مباركا» .
ولما بركت الناقة على باب أبى أيوب خرج جوار من بنى النجار يضربن بالدفوف يقلن:
نحن جوار من بنى النجار ... يا حبذا محمد من جار
فقال صلّى الله عليه وسلّم: أتحببنني؟ قلن: نعم يا رسول الله، فقال عليه الصلاة والسلام: «الله أعلم أنّ قلبى يحبكم» ، وفي هذا دليل لسماع الغناء على الدف من المرأة لغير العرس (?) . وسيأتى بسط الكلام على السماع في اخر فصل في الكتاب.