عليه صلّى الله عليه وسلّم فذهب ما يجده. وباتا في الغار، وأمر الله العنكبوت فنسجت على فم الغار، وأمر حمامتين فعشّشتا وباضتا. وما أحسن ما قيل:
وخافت عليك العنكبوت من العدا ... فأرخت بباب الغار مكرا بها سترا
ووافقها في الذّبّ عنك حمائم ... أتين سراعا فابتنين به وكرا
فلمّا أتي الكفّار طرن خديعة ... فحيّا الحيا (?) تلك الخديعة والمكرا
وأقبل فتيان قريش بسهامهم وسيوفهم، ومعهم من يقصّ الأثر، حتي انتهى إلى الغار فقال لهم: إلي هنا انتهى أثره، فما أدرى بعد ذلك أصعد إلى السماء أم غاص في الأرض! فقال لهم قائل: ادخلوا الغار، فقال أميّة بن خلف: ما تنظرون إلى الغار، وإن عليه لعنكبوتا قبل ميلاد محمد؟ فسمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حديثهم، فقال صلّى الله عليه وسلّم: «اللهمّ اعم بصرهم» فجعلوا يترددون حول الغار، لا يرون أحدا، ويقولون: لو دخلا هذا الغار تكسّر بيض الحمام وتفسّخ بيت العنكبوت. فعلما أن الله تعالى حمي حماها بالحمام، وصرف عنهما كيد الأعداء بالعنكبوت، ولقد حصل للعنكبوت الشرف بذلك.
روى ابن وهب أنّ حمام مكة أظلت النبى صلّى الله عليه وسلّم يوم فتحها، فدعا لها بالبركة.
ونهى عن قتل العنكبوت. وقال: «هى جند من جنود الله» .
إلّا أن البيوت تطهّر من نسجها لأنه يورث الفقر (?) .