الجاهلية، فدخلوا معه في شعبه، وخرج من بنى هاشم أبو لهب بن عبد العزى ابن عبد المطلب إلى قريش مظاهرا إليهم، وكانت امرأته أم جميل بنت حرب (أخت أبى سفيان) على رأيه في عداوة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم (كانت تحمل الشوك فتضعه في طريقه صلّى الله عليه وسلّم، فسمّاها الله تعالى حمالة الحطب) . وأقام بنو هاشم في الشعب ومعهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نحو ثلاث سنين، وكان بنو هاشم محصورين في الشعب لا يخرجون إلا من موسم إلى موسم، حتى جاهدوا، وكان لا يصل إليهم ممن أراد صلتهم إلا سرا، هذا، ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم مقبل على شأنه من الدعاء إلى الله، والوحي عليه يتتابع.
ثم إن النبى صلّى الله عليه وسلّم أخبر عمه أبا طالب بأن الله سلط الأرضة على الصحيفة فلم تدع فيها غير اسم الله تعالى الذى كانت قريش تستفتح به كتابها، وهو لفظ:
«باسمك اللهم» ، ونفت منها الظلم وقطع الرحم. فانطلق أبو طالب في عصابة حتى أتوا المسجد، فلما رأتهم قريش ظنوا أنهم خرجوا من شدة البلاء ليسلّموا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال أبو طالب: إنما أتيت في أمر هو نصف (?) فيما بيننا وبينكم:
إنّ ابن أخي أخبرنى بأمر (?) فإن كان الحديث كما يقول فلا والله لا نسلمه حتّى نموت عن اخرنا، وإن كان الذى يقول باطلا دفعنا لكم صاحبنا فقتلتم أو استحييتم. وأخبرهم الخبر، فقالوا: قد رضينا الذى تقول، ففتحوا الصحيفة فوجدوها كما قال، فقالوا: هذا سحر ابن أخيك، وزادهم ذلك بغيا. ثم مشى في نقض الصحيفة قوم من قريش، وأخرجوا بنى هاشم وبنى المطلب من الشعب، وذلك في السنة العاشرة من مبعثه صلّى الله عليه وسلّم.
ثم قدم الطفيل بن عمرو الدوسي (?) وكان شريفا في قومه، فأسلم، ثم استأذن