نعم، لم يأت رجل بمثل ما جئت به إلا عودى، وإن يدركنى يومك أنصرك نصرا مؤزرا. ثم لم يلبث ورقة أن توفي.
وفتر الوحى نحو ثلاث سنين (?) .
وإنما كان بدء الوحى بالرؤيا الصادقة لئلّا يفجأ الملك ويأتيه بصريح النبوّة بغتة فلا تقبلها القوى البشرية، فبديء بأول تباشير النبوة وخصال الكرامة تأنيسا وتمرينا له. فلما تمرن على ذلك في المنام جاءه الملك في اليقظة بصريح النبوة والكلام، ثم بعد ذلك فتر الوحي نحو ثلاث سنين فيما جزم به ابن إسحاق، وقيل سنتين ونصفا (?) ليذهب عنه ما وجده من الرّوع وليزيد تشوّقه إلى العود، ومن ثم حزن لذلك حزنا شديدا.
* ثم نزل عليه جبريل بعد ذلك بقوله تعالى: يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ.. وتتابع الوحي، فهى أوّل ما نزل عليه بعد فترة الوحي (?) ، ونزولها ابتداء رسالته صلّى الله عليه وسلّم، فهى متأخرة عن نبوته بثلاث سنين، وقيل مقارنة لنبوته، وأما اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ فهى أوّل ما نزل مطلقا، والقول بأن أوّل ما نزل مطلقا يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ باطل كما قاله النووي. وظهر من نزول اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ أولا ونزول يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ بعد فترة الوحى أن نبوته صلّى الله عليه وسلّم كانت متقدمة على رسالته، كما صرّح به أبو عمر وغيره (?) ، وعلى ذلك يحمل قول صاحب جامع الأصول: