ثم مرّ بالآخر فندم على ترك الأوّل فأناخ راحلته وانصرف إلى الأوّل وقد كمن له حنين، فأخذ الراحلة وذهب بها وأقبل الأعرابىّ إلى أهله ليس معه غير خفّى حنين، فذهبت مثلا: يضرب عند اليأس من الحاجة والرجوع بالخيبة.
وقولهم: «ربّ ساع لقاعد، وآكل غير حامد» أوّل من قاله النابغة الذّبيانى، وكان سبب ذلك أن وفدا وفد إلى النعمان وفيهم رجل من بنى عبس يقال له: شقيق، فمات عنده، فلما حبا النعمان الوفود بعث بحبائه إلى أهله، فقال النابغة فى ذلك
أتى أهله منه حباء ونعمة ... وربّ امرىء يسعى لآخر قاعد
وقولهم: «ربّ ملوم لا ذنب له» قاله أكثم بن صيفىّ، معناه قد ظهر للناس منه أمر أنكروه عليه وهم لا يعرفون عذره؛ وقيل: إن رجلا قال للأحنف ابن قيس: أنا أبغض التمر والزبد، فقال: ربّ ملوم لا ذنب له.
وقولهم: «ربّ كلمة تقول لصاحبها دعنى» : يضرب في النهى عن الإكثار مخافة الإهجار؛ ذكروا أن ملكا من ملوك حمير خرج إلى الصيد ومعه نديم له فوقفا على صخرة ملساء، فقال النديم: لو أن إنسانا ذبح على هذه الصخرة إلى أين كان يبلغ دمه، فأمر بذبحه، وقال: ربّ كلمة تقول لصاحبها دعنى.
ومثله قولهم: «ربّ رأس حصيد لسان» : يضرب للأمر بالسكوت.
وقولهم: «ردّ الحجر من حيث جاءك» : أى لا تقبل الضّيم وارم من رماك.