الذى هدا بنا أوّلكم وحقن بنا دماء آخركم، ألا إن أكيس الكيس التّقى، وأعجز العجز الفجور، وإنّ هذا الأمر الذى اختلفت فيه أنا ومعاوية إمّا أن يكون أحقّ به منّى، وإما أن يكون حقى فتركته لله تعالى وإصلاح أمة محمد صلى الله عليه وسلم وحقن دمائهم» .
ثم التفت إلى معاوية فقال: وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ
. ثم نزل، فقال معاوية لعمرو: ما أردت إلّا هذا. وحقدها معاوية على عمرو.
ولحق الحسن رضى الله عنه بالمدينة، بأهل بيته وحشمه، والناس يبكون عند مسيرهم من الكوفة.
والحسن رضى الله عنه آخر الخلفاء حقيقة،
لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الخلافة ثلاثون ثم تكون ملكا وملوكا» [1]
. فكانت هذه المدة من خلافة أبى بكر رضى الله عنه وإلى آخر أيام الحسن.
ولم يزل الحسن رضى الله عنه مقيما بالمدينة إلى أن مات على ما نذكره إن شاء الله فى حوادث سنة تسع وأربعين.
وحيث ذكرنا الخلفاء الراشدين رضى الله عنهم، وذكرنا أخبار من مات أو استشهد من العشرة، أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فى أثناء أخبار الخلفاء، فلنصل هذا الباب بذكر من بقى من العشرة، وهما: سعد بن أبى وقّاص وسعيد بن زيد، ليكمل عدّة العشرة فى هذا الباب، وإن كانت وفاتهما فى غير أيام الخلفاء.