لسانك؟ فأخبره. فقال: يا أبا ذرّ، علىّ أن أقضى ما علىّ، وأن أدعو الرّعيّة إلى الاجتهاد والاقتصاد، وما علىّ أن أجبرهم على الزّهد.
فقال أبو ذرّ: لا ترضوا من الأغنياء حتّى يبذلوا المعروف، ويحسنوا إلى الجيران والإخوان، ويصلوا القرابات [1] ، فقال:
كعب الأحبار- وكان حاضرا: من أدّى الفريضة فقد قضى ما عليه، فضربه أبو ذرّ فشجّه، وقال: يابن اليهوديّة، ما أنت وما ها هنا! فاستوهب عثمان كعبا شجّته، فوهبه، فقال أبو ذرّ لعثمان:
تأذن لى فى الخروج من المدينة؛ فإنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أمرنى بالخروج منها إذا بلغ البناء سلعا؟ فأذن له، فبلغ الرّبذة [2] ، وبنى بها مسجدا، وأقطعه عثمان صرمة [3] من الإبل، وأعطاه مملوكين، وأجرى عليه فى كلّ يوم عطاء، وكذلك أجرى على رافع بن حديج، وكان قد خرج أيضا من المدينة لشىء سمعه.
قال: وكان أبو ذرّ يتعاهد المدينة مخافة أن يعود أعرابيّا، وأخرج معاوية إليه أهله، فخرجوا ومعهم جراب يثقل يد الرّجل، فقال:
انظروا إلى هذا الّذى يزهّد فى الدّنيا ما عنده؟ فقالت امرأته: والله ما هو دينار ولا درهم ولكنّها فلوس كان إذا خرج عطاؤه ابتاع منه فلوسا [4] لحوائجنا.
وروى البخارىّ رحمه الله فى صحيحه بسنده إلى زيد بن وهب، قال: مررت بالرّبذة، فإذا أنا بأبى ذرّ- رضى الله عنه، فقلت له: