قال: ودخل عمار بن ياسر وقد أثقلوه باللبن فقال: يا رسول الله، قتلونى؛ يحملون علىّ ما لا يحملون، قالت أم سلمة: فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفض وفرته «1» بيده، وكان رجلا جعدا، ويقول: «ويح ابن سمية ليسوا بالذين يقتلونك إنما تقتلك الفئة الباغية» ، قال ابن سعد: وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلة المسجد إلى بيت المقدس، وجعل له ثلاثة أبواب: بابا فى مؤخره، وبابا يقال له:
باب الرحمة، وهو الباب الذى يدعى باب عاتكة، والباب الثالث الذى يدخل منه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجعل طول الجدار بسطة، وعمده الجذوع، وسقفه جريدا، فقيل له: ألا تسقّفه؟ فقال: «عريش «2» كعريش موسى خشيبات وثمام «3» الشأن أعجل من ذلك» قال: وبنى بيوتا إلى جنبه باللبن، وسقفها بجذوع النخل والجريد، فلما فرغ من البناء، بنى لعائشة رضى الله عنها [فى البيت الذى يليه شارع إلى المسجد «4» ] على ما نذكره إن شاء الله تعالى. وروى عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال: أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنخل فقطع، وبقبور المشركين فنبشت، وبالخرب فسويت، قال: فصفوا النخل قبلة، وجعلوا عضادتيه حجارة «5» .
قال محمد بن سعد فى طبقاته الكبرى بسنده إلى سهل بن سعد وأبى غزيّة وأبى سعيد الخدرىّ رضى الله عنهم قال: لما صرفت القبلة أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجد قباء فقدّم جدار المسجد إلى موضعه اليوم وأسّسه، وقال: