قال أبو بكر رضى الله عنه: فحفظت وصيته وشعره وقدمت مكة، فجاءنى شيبة بن ربيعة، وأبو جهل بن هشام، وأبو البخترىّ، وعقبة بن أبى معيط، ورجالات قريش مسلّمين علىّ، فقلت: هل حدث أمر؟ فقالوا «1» : حدث أمر عظيم؛ هذا محمد بن عبد الله يزعم أنه نبىّ أرسله الله إلى النّاس، ولولا أنت ما انتظرنا به، فإذ جئت فأنت البغية والنّهية «2» ، قال: فأظهرت لهم تعجّبا وصرفتهم على أحسن شىء «3» ، وذهبت أسأل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقيل لى: هو فى منزل خديجة، فقرعت الباب عليه فخرج إلىّ فقلت: يا محمّد، فقدت من نادى قومك فاتهموك بالغيبة وتركت دين آبائك، فقال يا أبا بكر، إنى رسول الله إليك وإلى الناس كلهم [فآمن بالله «4» ] ، فقلت وما آيتك؟ قال: الشيخ الذى لقيته باليمن، قلت: وكم من شيخ قد لقيت، وبعت منه واشتريت، وأخذت وأعطيت! قال: الشيخ الذى أخبرك عنى، وأفادك الأبيات، قلت: من أخبرك بهذا يا حبيبى؟ قال: الملك العظيم الذى كان يأتى الأنبياء قبلى، فقلت: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله. قال أبو بكر رضى الله عنه: فانصرفت وما أحد أشدّ سرورا من رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلامى.
وذكّر قومه بها، وحقّق عندهم أنه هو، لما كان يجد عنده من العلم بصفته صلى الله عليه وسلم.