المسترمّ والمستهدم [1] ، لم يكن لهم الإقدام على هدمه إلا باستئذان ولىّ الأمر دون المحتسب، ليأذن لهم فى هدمه بعد تضمينهم القيام بعمارته. هذا فى السّور والجوامع.

وأمّا المساجد المختصرة فلا يستأذنون فيها. وعلى المحتسب أن يأخذهم ببناء ما هدموه، وليس له أن يأخذهم بإتمام ما استأنفوه. فأمّا اذا كفّ ذوو المكنة عن بناء ما استهدم، فإن كان المقام فى البلد ممكنا وكان الشّرب وإن فسد مقنعا، تاركهم وإيّاه. وإن تعذّر المقام فيه، لتعطّل شربه واندحاض سوره، نظر: فإن كان البلد ثغرا يضرّ بدار الإسلام تعطيله، لم يجز لولىّ الأمر أن يفسح فى الانتقال عنه، [وكان حكمه حكم النوازل اذا حدثت: فى قيام كافّة ذوى المكنة به [2]] ، وكان تأثير المحتسب فى مثل هذا إعلام السلطان به وترغيب أهل المكنة فى عمله. وإن لم يكن البلد ثغرا مضرّا بدار الإسلام، كان أمره أيسر وحكمه أخفّ. ولم يكن للمحتسب أن يأخذ أهله جبرا بعمارته، لأن السلطان أحقّ أن يقوم بعمارته. وإن أعوزه المال، فيقول لهم المحتسب:

ما دام عجز السلطان عنه أنتم مخيّرون بين الانتقال عنه أو التزام ما ينصرف فى مصالحه التى يمكن معها دوام استيطانه. فإن أجابوا الى التزام ذلك، كلّف جماعتهم ما تسمح به نفوسهم من غير إجبار، ويقول: ليخرج كلّ واحد منكم ما يسهل عليه وتطيب به نفسه، ومن أعوزه المال أعان بالعمل. حتى اذا اجتمعت كفاية المصلحة أو تعين [3] اجتماعها بضمان كل واحد من أهل المكنة قدرا طاب به نفسا، شرع حينئذ فى عمل المصلحة وأخذ كلّ واحد من الجماعة بما التزم به. وإن عمّت هذه المصلحة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015