لكعب: ما أدرى من أى أمريك أعجب! أمن فهمك أمرهما، أم من حكمك بينهما! [اذهب [1]] فقد ولّيتك القضاء بالبصرة. وهذا القضاء من كعب والإمضاء من عمر إنما كان حكما بالجائز دون الواجب؛ لأن الزوج لا يلزمه أن يقسم للزوجة الواحدة ولا يجيبها الى الفراش اذا أصابها دفعة واحدة. فدلّ هذا على أن لوالى المظالم أن يحكم بالجائز دون الواجب.
قال الماوردىّ: اذا وقّع ناظر المظالم فى قصص المتظلّمين اليه بالنظر بينهم، لم يخل حال الموقّع اليه من أحد أمرين: إما أن يكون واليا على ما وقّع به اليه أو غير وال عليه. فان كان واليا عليه، كتوقيعه الى القاضى بالنظر بينهما، فلا يخلو حال ما تضمّنه التوقيع من أحد أمرين: إمّا أن يكون إذنا بالحكم، أو إذنا بالكشف والوساطة. فإن كان إذنا بالحكم، جاز له الحكم بينهما بأصل الولاية، ويكون التوقيع تأكيدا لا يؤثّر فيه قصور معانيه. وإن كان إذنا بالكشف للصّورة أو التوسّط بين الخصمين [فإن كان فى التوقيع بذلك نهيه عن الحكم فيه لم يكن له أن يحكم بينهما [2]] وكان هذا النهى عزلا عن الحكم بينهما، وكان على عموم ولايته فيمن عداهما [3] . وإن لم ينهه فى التوقيع عن الحكم بينهما غير أنّه أمره بالكشف، فقد قيل: يكون نظره [4] على عمومه فى جواز حكمه بينهما؛ لأن أمره ببعض ما اليه لا يكون منعا من غيره؛