وربما تعرّض لعداوة الوزير من قصّر عن رتبة منافسته. فليعطه [1] من رجائه طرفا، وليقبض [2] من زمامه طرفا، وليختبره [3] فيهما، فسيقف على صلاحه أو فساده. فإن صلح سوعد، وإن فسد بوعد. فقد قال أردشير بن بابك: احذروا صولة الكريم إذا جاع، واللئيم إذا شبع. وقد قيل فى منثور الحكم: علّة المعاداة، قلّة المبالاة.

والقسم الرابع فى الدفاع عن الرعية من خوف [4] واختلال- فالخوف من نتائج الخرق [5] ، والاختلال من نتائج الإهمال؛ وكلاهما من سوء السّيرة وفساد السياسة، [لتردّدهما بين تفريط وإفراط، وخروجهما عن العدل إلى تقصير أو إسراف [6]] .

وهم قوام الملك المستمدّ، وذخيرة المستعدّ. وليس يستقيم ولن يستقيم ملك فسدت فيه أحوال الرعايا، لأنّه منهم بمنزلة الرأس من الجسد لا ينهض إلا بقوّته ولا يستقلّ إلا بمعونته. وعلى الوزير لهم ثلاثة حقوق:

أحدها أن يعينهم على صلاح معايشهم ووفور مكاسبهم، لتتوفّر بهم موادّه، وتعمر بهم بلاده.

والثانى أن يقتصر منهم على حقوقه، ويحملهم فيها على إنصافه، ليكونوا على الاستكثار أحرص، وفى الطاعة أخلص؛ ولا يكلهم فى مقادير الحقوق الى غيره، ليكونوا له أرجى وعليه أحنى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015