وأمر المغنّين بإظهاره. فلما ولى الخلافة قطع ذلك وأمر بستر ما تقدّم منه؛ فلذلك لم تظهر أغانيه.
ذكر أيضا أنه كان يغنّى أصواتا. فمما غنّى به في شعر عدىّ بن الرّقاع:
لعمرى لقد أصحرت «1» خيلنا ... بأكناف دجلة للمصعب
فمن يك منّا يبت آمنا ... ومن يك من غيرنا يهرب
وهذه الأبيات من قصيدة لعدىّ بن الرّقاع قالها في الوقعة التى كانت بين عبد الملك بن مروان ومصعب بن الزّبير وقتل فيها مصعب بن الزبير، على ما نذكر ذلك إن شاء الله تعالى في أخبار عبد الله بن الزبير.
هو ممن له يد في الغناء وصنعة حسنة. ومما نقل من أغانيه أنه غنّى في شعر الفرزدق:
ليس الشفيع الذى يأتيك مؤتزرا ... مثل الشفيع الذى يأتيك عريانا
وقال «2» عبيد الله بن عبد الله بن طاهر: إن المعتضد جمع النغم العشر في صوت صنعه في شعر دريد بن الصّمّة وهو:
يا ليتنى فيها جذع ... أخبّ فيها وأضع
قال: واستعلمنى هل هو صحيح القسمة والأجزاء أم لا، فعرّفته صحّته ودللته على ذلك حتى تيقّنه فسّر به. قال عبيد الله: وهو لعمرى من جيّد الصنعة ونادرها.
قال: وقد صنع ألحانا في عدّة أشعار قد «3» صنع فيها الفحول من القدماء والمحدثين