فاستعفى من ذلك، ولم يعين، ورسم له فى ذلك المجلس أن يحكم فى قضية كانت بين الأمير سيف الدين بكتمر الحاجب وبين خصومه، فنزل إلى المدرسة الصالحية بالقاهرة، وجلس فى قاعته، وحكم فى عشية نهار الاثنين المذكور بين الأمير سيف الدين وغرمائه، وبلغنى أنه قال لمن حضر مجلسه: «هذا آخر الحكم» وتوجه إلى داره التى بساحل مصر بقرب الجامع الناصرى، واستقر بها وأخلى قاعة التدريس بالمدرسة الصالحية بالقاهرة.

ورسم له السلطان أن يرتّب له من مال منجّز [1] الخاصّ الشريف فى كل شهر ألف درهم نقرة بحكم استعفائه من الحكم، فكتب له توقيع سلطانى بذلك، ولم يكتب له فيه ما جرت العادة به من النعوت، واستقر بيده من جهاته تدريس زاوية الإمام الشافعى بجامع عمرو بن العاص بمصر، فاستمر يلقى فيها الدرس، واستمر نوابه فى القاهرة ومصر والأعمال على ولايتهم منه، وأحكامهم نافذة.

وذكر بين يدى السلطان من يصلح للقضاء بالديار المصرية، فعين جماعة لم يقع اختياره على أحد منهم، فاجتمع رأى السلطان على إحضار قاضى القضاة جلال الدين محمد بن قاضى القضاة/ (240) سعد الدين عبد الرحمن ابن قاضى القضاة إمام الدين عمر القزوينى [2] قاضى القضاة بدمشق، وخطيب الجامع الأموى بها، فرسم بطلبه وأن يحضر على خيل البريد.

وتقرر أن ينقل القاضى كمال الدين بن الزّملكانى قاضى حلب منها إلى دمشق، ويتوجه القاضى جمال الدين الزرعى- الذى كان قاضى الشام وعزل بالقاضى جلال الدين- إلى حلب، ولم ينعقد فى ذلك ولاية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015