سيف الدين طشتمر البدرى، وسيف الدين قطلوبغا الفخرى، وقال لقطلوبغا: قد ضجرت مما أسمع عنك، وهذا كلام كثير، وما أعرف رضاكم فى أى شىء حتى أفعله، وأشباه هذا من الكلام، وأظهر الغضب الشديد، والحرج والحدّة، وأمر الأمير سيف الدين قجليس أمير سلاح بالقبض عليهما، فتقدم إلى كل منهما وأخذ سيفه، وتوجه بهما إلى الاعتقال، فاعتقلهما، وكان ذلك [ببرج السباع] [1] بالقلعة واشتد الأمر عليهما، وقيل: إنهما قيّدا.

فلما كان عشية النهار اضطرب المماليك السلطانية سكان الطباق لذلك اضطرابا شديدا، ويقال: إنهم امتنعوا من الدخول فى الخدمة، وقالوا نحبس جميعا، فإن هؤلاء هم أكابرنا، وأخص الناس بالسلطان، فإذا قبض عليهما بغير ذنب فكلنا نحبس، فطالع الأمير سيف الدين صواب- المقدم عليهم- السلطان بذلك [2] ، فطلب الأمير سيف الدين/ (232) تنكز، وعرفه ذلك، فتلطف فى أمرهما وقبّل الأرض مرارا بين يدى السلطان، وشفع فيهما، فأفرج عنهما فى بقية النهار [3] ، وأقر الأمير سيف الدين طشتمر على إقطاعه، وأسكنه فى القاعة الحسامية التى أفردت من دار النيابة، وكان قبل ذلك يسكن داخل باب القلعة بقرب مساكن السلطان.

وأما الأمير قطلوبغا الفخرى، فإن حرج السلطان عليه كان أشد، لما كان يتكلم به بين يديه من الرد عليه، وكثرة الإدلال، فأنزل إلى إسطبله، ورسم السلطان بإخراجه إلى الشام [4] ، فعين له إقطاع الأمير علاء الدين أيدغدى التّليلى [5] وهو من جملة أمراء الطبلخاناه، وكان قد أنهى إلى السلطان أنه عجز عن الخدمة، وقلّ نظره، وتغير ذهنه، فوفّره من الخدمة، وأنعم عليه براتب،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015