فلما كان فى يوم السبت تاسع شهر ربيع الآخر رسم السلطان بطلب كريم الدين وأولاده، فطلبوا إلى قلعة الجبل أشد طلب، وأحضروا بين يدى الوزير، / فطالبه بالمال، فقال: لا مال عندى، وأنا ما تعرضت لمال السلطان، وأشباه هذا من الكلام، فضرب ابنه سعد الدين فرج الله بالمقارع، وسلم ولده الصغير لمتولى القاهرة، وعرض كريم الدين على الضرب فوجد فى كمّه أوراقا تشتمل على مرافعات [1] ، وقصد الوزير أخذها منه، فامتنع، وقال: لا أسلمها إلا للسلطان، فطولع السلطان بذلك، فأرسل الأمير سيف الدين بلبان الساقى إليه، فتسلمها منه، وعرضت على السلطان، فطلب الأمير علاء الدين مغلطاى الجمالى الوزير، وأمره بالإفراج عن أولاد كريم الدين، وأن يكون هو عنده فى مكان من داره، ففعل ذلك فى اليوم المذكور، ثم رسم فى بقية النهار بعقوبة كريم الدين، وتقريره على المال، فسعّطه بالخل والجير [2] ، فناله من ذلك شدة عظيمة، حتى خرج الدم من حلقه، ورسم عليه وعلى ولده سعد الدين فرج الله فى بقية يوم السبت والأحد، ثم رسم بإخراجهما وإرسالهما إلى ثغر أسوان، فسأل كريم الدين أن يكون اعتقاله بغزّة، فلم يجب إلى ذلك، وأخرج من باب القرافة من فى أول يوم الاثنين الحادى عشر، شهر ربيع الآخر، هو وولده سعد الدين، فتسلمهما متوليا القاهرة ومصر وشادّ الصناعة، فتوجهوا بهما وحجّلا [3] فى سلّورة [4] ، وأرسلا إلى ثغر أسوان، وفرّق بينهما، فجعل كل منهما فى خنّ [5] لم يجتمع أحدهما بالآخر على ما بلغنى من المحقق للحال إلى أن وصلا إلى ثغر أسوان، فكان وصولهما فى ليلة الاثنين الخامس والعشرين من الشهر، فأنزل بدار تعرف بدار يحيى، وهى الدار التى [أنزل] بها من قبل