ودفن بمقبرة تعرف بالقبر الجديد، وكان رحمه الله فقيها عالما متقنا محققا من أجلّ مشايخ القراءات،/ (213) والعلوم مقتصدا فى مأكله وملبسه وسائر أحواله، وكان من قضاة العدل والحق، لا تأخذه فى الله لومة لائم، ولا يخشى سطوة ملك، تساوى عنده فى الحق الآمر والمأمور، رحمه الله تعالى.

وتوفى فى ليلة السبت الثانى والعشرين من شعبان الشيخ الفاضل العالم البارع شهاب الدين أبو الثناء محمود بن سليمان بن فهد الحلبى، ثم الدمشقى كاتب الإنشاء بدمشق، وصلى عليه بجامعها، ثم بسوق الخيل، ودفن بسفح قاسيون، بتربة بناها لنفسه، ومولده فى شعبان سنة أربع وأربعين وستمائة، وكان رحمه الله رجلا فاضلا، كاتبا أديبا شاعرا، انتهت إليه كتابة الإنشاء، ولو قيل فيه كاتب الشرق والغرب لاستحق ذلك غير مدفوع عنه ولا منازع فيه [1] ، وكان يكتب التقاليد والتواقيع والمناشير من رأس [2] القلم، ويأتى فيها بما لم يأت به سواه مع الفكرة والرويّة، رحمه الله تعالى، وولى بعده كتابة الإنشاء بدمشق ولده شمس الدين محمد، رسم له بذلك فى شهر رمضان من السنة باعتناء نائب السلطنة بالشام به، وقدم على غيره لهذه الوظيفة مع توفر الأعيان والأكابر بدمشق.

وفيها فى يوم الخميس رابع شهر رمضان توفيت الست الجليلة فالحة [3] ابنة الملك الأمجد، مجد الدين حسن بن الملك الناصر صلاح الدين داود بن الملك المعظم شرف الدين عيسى بن الملك العادل سيف الدين أبى بكر محمد بن أيوب، ودفنت من يومها بالتربة المعظمية بسفح قاسيون، وتعرف هذه المتوفاة «بدار دينار» وكان لها بر ومعروف وإيثار، رحمها الله تعالى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015