وحضر الرسل إلى مقدم العسكر وهو بمكة، وسألوه أن يكتب إلى الملك المجاهد كتابا يخبره فيه بوصول العسكر، فكتب إليه، وجهز الكتاب على يد بعض رفقتهم إليه فى البحر، ورحل العسكر من مكة- شرفها الله تعالى- فى السادس من جمادى الآخرة، وفى صحبته الأمير السيد الشريف سيف الدين عطيفة [1] أمير مكة، والأمير الشريف ناصر الدين عقيل أمير ينبع، وتأخر الأمير عز الدين رميثة [2] عن الحضور، حتى حلف له مقدم العسكر وأمنه، فلحق بالعسكر المنصور فى الخامس والعشرين من الشهر فى أثناء الطريق، ووصل العسكر إلى حلى ابن يعقوب فى سادس عشر الشهر، وأقام العسكر به يومين للراحة والاستراحة، ورحل فى تاسع عشر الشهر، ونزل جعل، وتعرف بعمق وهو أول بلاد اليمن، ووصل إلى حرض فى التاسع والعشرين من جمادى الآخرة، وهى أول بلد يجبى خراجه لملك [3] اليمن، وهى/ (194) خاص الملك، وعند الوصول إليها أشهر مقدم العسكر النداء بالعدل، وألا يتعرض أحد للرعية، ورحل منها ووصل إلى المحالب فى ثالث شهر رجب.
ووصل جواب الملك المجاهد إلى مقدم العسكر بهذه المنزلة، وظهر من فحوى جوابه ما دل على أنه سقط فى يده، وندم على طلب العسكر، وخاف على نفسه، فأعيد جوابه صحبة جمال الدين عبد الله الدوادارى البريدى بما يسكّن خاطره، ويطيّب نفسه، وكان الحصار قد ارتفع عن الملك المجاهد لما بلغهم إقبال العسكر، وأطاعه جماعة ممن كان خالفه، وخرج عليه كما تقدم، وقبض المجاهد عند ذلك على ابن عمه جلال الدين بن الملك الأشرف وابن طرنطاى وحضر إلى مدينة زبيد، ليتلقى العسكر، فلما قرب العسكر من زبيد قويت إشاعة أن الملك المجاهد عزم على ألا يتلقى العسكر، وأن يعود إلى تعز، ووصل العسكر إلى بلد تسمى فشال [4] فى ثامن رجب، فأرسل مقدم العسكر