وملك سيف الإسلام اليمن كله وعره وسهله، ودخل أماكن ما دخلها أحد قبله بالسيف، وجرت بينه وبين الإمام عبد الله بن حمزة عدة وقائع على صنعاء، وأقام خمس سنين وصنعاء ليست فى ملكه.
وفى سنة خمس وثمانين استولى على حصن كوكبان/ (130) ودان له ملك اليمن بكماله، وأزال ملك بنى حاتم من صنعاء، وسوّر زبيد سورا جديدا، وسوّر [1] صنعاء بعد أن أخرب سورها، ورمى النفط فى دورها، واستمر فى الملك إلى أن مات بالمنصورة بين الجند وجبلة فى شوال سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة، وكان حسن السيرة، إذا تعرض له أحد وهو فى موكبه وقف له، ولا ينصرف من مكانه حتى يكشف ظلامته، وكانت مدة ملكه أربع عشرة سنة، وكان قبل وفاته قد سلطن مملوكه «همام الدين أبو زبا» وأرسله إلى البلاد العليا، ولما مات ملك بعده ولده.
وكان الملك المعزّ هذا قبل وفاة والده قد غضب على أبيه وفارقه، وأراد اللحاق بأعمامه بالديار المصرية، فأدركته الرجال على النّجب بوفاة والده، وهو على ساعد حرض [3] فجزّ شعره، ولبس السواد حزنا على أبيه، وعاد، وملك البلاد وقتل جماعة كثيرة من غلمان أبيه، ثم صعد إلى صنعاء فقبض على «همام الدين أبو زبا» ، وقتله، وذلك فى المحرم سنة أربع وتسعين، وعاد إلى اليمن.
ثم أقام الإمام المنصور الدعوة فى سنة أربع وتسعين، وانضم إليه جماعة من عسكر سيف الاسلام، فبلغ ذلك المعزّ، فرجع من فوره إلى صنعاء، فوجد الإمام على الحقل [4] ومعه الأمير جكوا [5] فى مائتى فارس، فلما تراءى