ومن طاعتهم له أن كل واحد يحمل ما تغزله زوجته وبناته إلى بيت المال، ويكون ابن مهدى هو الذى يكسوهم [هم] وأهاليهم من عنده، وليس لأحد من العسكرية فرس يملكه ولا يرتبطه، ولا عدة من سلاح ولا غيرها، بل الخيل فى إسطبلاته، والسلاح فى خزائنه، فإذا عنّ له أمر دفع من الخيل والسلاح ما يحتاجون إليه، ومن سيرته قتل من انهزم من عسكره ولا سبيل إلى حياته، وقتل من شرب المسكر، ومن سمع الغناء، ومن زنى، وقتل من تأخر عن صلاة الجماعة، أو عن مجلس وعظه فى يومى الخميس والاثنين، وقتل من تأخر فيهما عن زيارة قبر أبيه، هذه رسومه فى العسكرية [1] .
ولم يزل أمره على ذلك حتى اتصل خبره بالسلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب، واتصل به أن عبد النبى يزعم أن دولته تطبق الأرض، وأن ملكه يسير مسير الشمس، فجهز أخاه الملك المعظم فخر الدين [2] فى شهر رجب سنة تسع وستين وخمسمائة، وملك زبيد، وأسر عبد النبى، وقتله على ما نذكره- إن شاء الله تعالى- فى أخبار الدولة الأيوبية.
قد ذكرنا أخبار الدولة الأيوبية بالديار المصرية والشام وبلاد الشرق، فيما تقدم من كتابنا، وأتينا على أخبار ملوكها ملكا ملكا، وأشرنا إلى نبذ يسيرة من أخبار ملوكهم باليمن، ونحن الآن نذكر أخبار ملوكهم ببلاد اليمن بما هو أبسط مما تقدم، لتكون أخبار اليمن سياقة يتلو بعضها بعضا.
كان من خبر دولتهم باليمن أن السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف ابن أيوب لما ملك الديار المصرية، وأزال الدولة العبيدية كان من جملة من اتصل بخدمته عمارة اليمنى الشاعر، فذكر له أخبار اليمن قال: