وأنه قد قام بالدعوة فوصلت إليه كتب المهدى بولايته، وعزل أولاد المنصور، وبعث إليه سبع رايات، فسار أبو الحسين [1] بن المنصور إلى المهدى/ (104) بإفريقية، فأمره بطاعة ابن عياش [2] وقد أيس من الرئاسة، فعمل على قتل ابن عياش [3] فنهاه أخوته فلم ينته، واستولى على الأمر، ولم يدع مكاتبة المهدى، ثم خرج أبو الحسين [4] بن منصور إلى عين محرم، وفيه رجل من قبله يقال له ابن العرجى واستخلف على مسور إبراهيم بن عبد الحميد السباعى [5] ، وهو جد [6] بنى المنتاب، فوثب ابن العرجى على أبى الحسين [7] فقتله، فاستولى إبراهيم على مسور، وادعى الأمر لنفسه، وأخرج أولاد المنصور وحريمهم عن مسور إلى جبل بنى أعسب، فوثب عليهم المسلمون، فقتلوهم الصغير والكبير، وسبوا حريمهم.
ثم اتفق إبراهيم وابن العرجى، فاقتسما المغرب نصفين، لكل واحد منهما ما يليه، ورجع إبراهيم إلى مذهب السّنّيّة، وخطب للخليفة العباسى، وتتبع القرامطة بالقتل والسبى [8] ، ونصّب من بقى منهم داعيا يعرف بابن الطّفيل، فقتله إبراهيم، ثم مات إبراهيم، فولى بعده ابنه المنتاب بن إبراهيم، وانتقلت الدعوة الخبيثة بعد ابن الطفيل إلى رجل يعرف بابن أقحم [9] ، فخاف على نفسه من المنتاب، فكان لا يستقر فى موضع واحد، وكاتب المعز بعد وصوله إلى مصر، فلما حضرته الوفاة استخلف رجلا من شبام [10] يعرف بيوسف بن الأسد [11] ، فأقام دعوتها مدة حياته، واستخلف رجلا من شبام اسمه سليمان بن عبد الله الزواحى [12] من حمير، فدعا إلى الحاكم ومن بعده، وكان كثير المال والجاه، فاستمال الرعاع والطغام إلى مذهبه، وكان إذا هم به المسلمون يقول: