فى هذه السنة غلت أسعار الغلال بالشام وانتهت غرارة [1] القمح بدمشق إلى مائة وعشرين درهما، فلما اتصل ذلك بالسلطان الملك الناصر- خلد ملكه [2]- برز أمره المطاع بما أوجب انحطاط الأسعار/، وذلك أنه رسم بإبطال ما على الغلال من المكس فى سائر البلاد الشامية، وذلك فى شهر ربيع الآخر، ثم رسم للنائب بالكرك المحروس أن ينقل إلى دمشق المحروسة/ (70) جملة من الغلال التى بها، فانحلت الأسعار، ثم رسم لسائر الأمراء بالديار المصرية أن يحملوا الغلال إلى دمشق، وقرر على كل أمير حمل جملة معينة من الغلال، وأن يحضر نائبه ما يدل على وصول ذلك إلى دمشق، فحملت الغلال، وانحطت الأسعار انحطاطا كثيرا، ولله الحمد.
وفيها- فى شهر ربيع الآخر- رسم بعزل قاضى القضاة بالشام جمال الدين الزّرعى [3] بسبب شكوى نائب السلطنة الأمير سيف الدين تنكز [4] منه، فوصل المثال السلطانى إلى دمشق بعزله فى الخامس والعشرين من الشهر، وعرض القضاء على الشيخ برهان الدين بن الشيخ تاج الدين فامتنع عن الإجابة إلى ذلك، واعتذر بالعجز والمرض، وصمم على الامتناع، فعند ذلك طلب الخطيب القاضى جلال الدين محمد بن قاضى القضاة سعد الدين عبد الرحمن بن قاضى القضاة إمام الدين عمر القزوينى [5] ، فوصل إلى الأبواب السلطانية بقلعة الجبل المحروسة فى يوم الجمعة الثالث والعشرين من جمادى الأولى، واجتمع بمولانا