والعوام أن السلطان طلقها [1] ، إلا أن السلطان ما صرّح بطلاقها، فلما توفيت حضر أخوها الأمير جمال الدين خضر بن نوكية إلى دارها، وقصد عرض ما خلّفته، وطلب الجوارى المتسلمات قماشها ومالها، وتهددهن بالقتل إن عدم من مالها شىء، فبينا هو على ذلك إذ دخل الطواشى شجاع الدين عنبر أمير لا لا [2] ، وزمام الأدر، وأنكر عليه فعله، وأخرجه من الدار، فتوجه إلى منزله،/ (64) ولم يشهد جنازتها، ثم ورد مرسوم السلطان قبل دفنها- وكان السلطان يتصيد بأعمال الجيزية- بمنع الأمير جمال الدين أخوها [3] من التعرض إلى تركتها والإنكار عليه، والاحتراز على الموجود وضبطه، وإقرار ما كان باسمها من المرتب على جواريها، وخدمها إلى أن يعود السلطان إلى القلعة.
ولما كان فى يوم الأحد مستهل صفر أرسل السلطان إلى أخيها المذكور مائة ألف درهم وعشرة آلاف درهم، ووقع الإشهاد عليه بالبراءة من جميع ما خلفته أخته من الأموال والمصوغ والأملاك وسائر الأصناف على اختلافها، وأشهد عليه أنه وصل إلى حقه من ذلك كله، وأبرأ ذمة السلطان.
وفى هذه السنة أمر السلطان بحفر خليج الذكر [4] من فمه مما يلى نهر النيل إلى أن ينتهى إلى الخليج الحاكمى، فقسم ذلك على الأمراء، وحفر حفرا جيدا حتى نبع الماء فى بعضه، وأصرف [5] الأمراء على هذا الحفر الحفير جملة كثيرة من أموالهم وكان الشروع فى الحفر فى العشر الأخر من جمادى الآخرة فلما فتح كادت القاهرة أن تغرق لكثرة المياه الجارية منه وحدتها، فاقتضى ذلك سد القنطرة التى عليه وكان قد بنى لها عضادتان [6] مما يلى البحر؛