وشاهدوا مواكبه العظيمة، فرأوا ما لم يروا مثله، ثم أحضرهم السلطان فى يوم الاثنين الحادى والعشرين من الشهر، وخلع عليهم ثانيا نظير تلك الخلع، وأجابهم عن رسالتهم، وأنعم عليهم بالأموال الكثيرة، وأحسن إليهم غاية الإحسان.
وكان فى جملة رسالتهم سؤال السلطان أن يزوج ابنته من ابن الأمير جوبان نائب الملك أبى سعيد، فاعتذر السلطان عن ذلك بصغرها، وقال: إن هذه عمرها خمس سنين، وإذا صلحت للتزويج أجبنا سؤالكم إن شاء الله تعالى، وأعادهم مكرمين، فكان توجههم من قلعة الجبل فى يوم الثلاثاء/ (60) الثانى والعشرين من الشهر، وتوجه معهم الأمير سيف الدين أيتمش المحمدى حتى أوصلهم إلى غزة، هذا ما كان من خبرهم.
وفى هذه السنة- فى شوال منها- أمر السلطان بتجريد طائفة من العسكر المنصور المصرى إلى بلاد النوبة، فجرد ثلاثة من الأمراء [1] وهم: سيف الدين طقصبا [2] الناصرى الحسامى، وهو المقدم على العسكر، وعلاء الدين على بن قرا [3] سنقر المنصورى، وعز الدين أيدمر الكبكى [4] ، وجرّد جماعة من المماليك السلطانية، ومن الحلق، ومن أجناد الأمراء، من كل أمير ماية جنديان، ومن كل أمير طبلخاناه جندى، فبلغت عدتهم نحو خمسماية فارس، وكان خروجهم من القاهرة فى مستهل ذى الحجة.