فى ليلة الخميس العشرين من شوال سنة أربع وعشرين وسبعمائة، ووصل الخبر إلى الأبواب السلطانية فى يوم الاثنين مستهل ذى القعدة، وأنه شنق نفسه، ووجد فى بكرة النهار وهو معلق بسلبة [1] فى الدار التى كان قد نزل بها، وتعرف بدار «ابن يحيى» . هذا هو الذى ظهر من أمر وفاته.
وأخبرنى متولّى ثغر أسوان [2]- وهو أحد من تولّى قتله- أنه وصل إلى الثغر فى ليلة الأربعاء ركن الدين بن موسك، نائب متولّى الأعمال القوصية، وصحبته بعض مماليك متولى الأعمال، فأقام بالثغر يوم الأربعاء، وأظهر أنه إنما حضر لتحرير ما سقط من النخل فى شهر رمضان بسبب هواء كان قد هب فسقط لهبوبه نخل كثير، وطلب أرباب السواقى فى ذلك اليوم، وشاع أنه إنما وصل إلى الثغر بسبب ذلك.
فلما كان فى ليلة الخميس توجه المتولى بالثغر، وابن موسك ومن معهما إلى داره، وطرق المتولى الباب على كريم الدين فخرج إليه غلام، فقال له من وراء الباب: من هذا؟ فقال: عرّف القاضى أن مملوكه فلان حضر «يعنى المتولى نفسه» فأعلمه الغلام، وعاد ففتح الباب فقال متولى الثغر: فلما صرت من داخل الباب أرسلت الغلام الذى فتح لى الباب إلى الاعتقال، وخرج غلام ثان ففعلت به كذلك، فدخل غلام آخر وأخبر كريم الدين بذلك، ودخلت/ (38) فى إثره فوجدت كريم الدين على تخت [3] ، وابنه عبد الله عنده فسلمت عليه، وقلت لولده عبد الله: يا علم الدين تعالى إلىّ أعرفك، فلما جاء إلىّ أخذته وخرجت من عند أبيه، فصرخ بى كريم الدين، وجعل يقول: يا شمس الدين، يا شمس الدين، يكرر هذا القول، فلم ألتفت إليه، ودخل عليه أولئك القوم