نحو] [1] السبعين، واعتقلهم بخزانة البنود لما بلغه عنهم من اللعب والتفريط فى إقطاعاتهم، وصرفها فى المحرّمات، فكان اعتقالهم لطفا بهم، ولو كانوا فى بيوتهم ما شك السلطان أن هذا من فعلهم، ثم أمسك فى يوم الجمعة الحادى والعشرين من الشهر أربعة من النصارى الروم الملكيين [2] فاعترفوا أنهم أحرقوا الدور والأماكن، ولم يتحاشوا ولا توقفوا، بل أقروا بذلك من غير ضرب ولا تهديد، وقالوا: نحن فعلنا هذا فى مقابلة هدم كنائسنا، ونحن جماعة خرجنا عراة، واعترفوا على رهبان دير البغل [3] ،/فأنهى إلى السلطان أن هؤلاء من النصارى العرب الملكيين، وأنهم ليسوا من اليعاقبة [4] الذين هم نصارى البلاد، وإنما فعل هؤلاء هذا لجهلهم، وحسّن من له اعتناء باطن بالنصارى وميل إليهم أن يأمر بقتلهم، وإنما قصد تعجيل إعدامهم خشية أن يقرّوا على غيرهم، فأمر السلطان بهم، فحرقوا فى يوم السبت الثانى والعشرين من الشهر، والسلطان بالميدان.

ثم قيل للعوام والناس: هؤلاء الذين كانوا يحرّقون حرّقناهم، فمن احترقت بعد هذا داره فليمسك جاره ونحن نقابله، فاشتد ذلك على الناس، واستغاث العوام، واتهموا القاضى كريم الدين وكيل السلطان بالاعتناء بالنصارى والذّب عنهم، وكان ذلك يظهر عليه، فلما ركب من الميدان بعد الظهر للانصراف إلى داره شغب جماعة من العوام عليه، واستغاثوا ورفعوا أصواتهم بسبه، ورجموه بالحجارة والطوب، فعطف نحو الميدان، وركض فرسه وخلص منهم، وأنهى ذلك إلى السلطان، فحرج السلطان حرجا كثيرا، واشتد غضبه، وانضاف ذلك إلى ما عنده من الحرج على العوام، فإنه لما كان ركب من القلعة إلى الميدان فى بكرة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015