عن غير قصد، وأنها إنما احترقت على جارى العادة فى وقوع النيران فى أماكن على سبيل الغلط وعدم التحفظ والاحتراز، ثم سكن ذلك إلى يوم السبت الخامس عشر من جمادى الأولى، فوقع الحريق فى القاهرة ومصر، وكان أول الحريق بخط حارة الدّيلم [1] ، فاحترقت دار الشريف بدر الدين نقيب الأشراف، وما يجاورها من دور [الأشراف] [2] والمسلمين، فكان جملة ما احترق من الدور المتجاورات ما ينيف على ثلاثين دارا يقارب المائة مسكن، واشتدت النار وعظمت، واستمرت بذلك المكان أياما، وخيف أن تتصل بدار «القاضى كريم الدين» ناظر الخواص السلطانية ووكيلها، وبها أموال السلطان والأقمشة وغير ذلك من التحف، وهو يوم ذاك بثغر الإسكندرية، فرسم السلطان بركوب الأمراء لذلك، فحضر الأمراء وغلمانهم، والسقايين والقصارين وغيرهم، وركب نائب السلطنة والحجاب وأمير جاندار [3] ، وغيرهم من أعيان الأمراء، واجتهدوا فى أمر النار إلى أن طفيت، بعد أن هدم وعدم بسببها من الدور والأموال والأقمشة والأصناف ما لا تحصى قيمته.

واختلفت الأقاويل، فقائل يقول: إنها من السماء، وقائل يقول: لعلها من قبل الملوك والأعداء، وآخر يقول: إنما فعله البطالون من الجند والحرافيش [4] لقصد النهب، وقائل يقول: إنما هو من فعل النصارى. وترادف الحريق، وتوالى، فاحترقت عدة دور من مساكن الأمراء، وكانت النيران تقع فى أعالى الدور والباذهنجات [5] ، فاحتفل الناس لذلك وتأهبوا، واستكثروا من الدّنان والخوابى، وملئوها ماء، ووضعوها فى الطرقات وعلى أبواب الحوانيت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015