وفى هذه السنة أمر السلطان الملك الناصر بحفر بركة بخط الزهرى ظاهر القاهرة المحروسة مساحتها [سبعة أفدنة] [1] وأن يجرى الماء إليها من نهر النيل المبارك، وأن يحكّر ما حولها بنسبة بركة الفيل وغيرها من البرك، وكان فى جملة هذه الأرض سبعة أفدنة جارية فى وقف، فأمر السلطان وكيله باستئجارها للسلطان بأجرة معلومة، وكانت أرض هذه البركة قبل ذلك مقاطع يقطع منها الطين الإبليز برسم العماير، ثم رمى الناس فيها زبايلهم، فصار فى مواضع منها كيمان كثيرة، وفى بعضها حفر من آثار القطع، ورسم السلطان أنه مهما قطع من أتربة تلك البركة يرمى فى البركة المجاورة للميدان التى هى مقاطع الطين الإبليز، وأن يمهد ويضاف إلى الميدان توسعة له، فحصل الشروع فى حفرها فى يوم الثلاثاء التاسع والعشرين من شهر ربيع الأول، ورسم للأمراء بحفرها، فوزعت عليهم على قدر مراتبهم، وندب الأمراء أجنادهم، والأجناد غلمانهم، وعملوا بأنفسهم وبأتباعهم، وأخرج كل أمير صنجقة [2] وطبلخاناه، وجماله وبغاله، واهتموا بحفرها اهتماما عظيما، ورتب السلطان الأمير ركن الدين بيبرس الحاجب مشدّا على حفرها، فنزل بها ولازمها، إلى أن كمل حفرها، ونجزت فى أقرب مدة [3] .
وفى أثناء حفر هذه البركة وقعت حادثة الكنايس، وكان بسبب ذلك من الحوادث ما نذكره إن شاء الله.
وفى يوم الجمعة- بعد الصلاة- التاسع من شهر ربيع الآخر من سنة إحدى وعشرين وسبعمائة اجتمع جماعة من الغلمان والعوام والفعلة، الذين كانوا