وسبب ذلك أن الهدنة التى كانت بين السلطان وبين صاحب سيس انقضت فسأل صاحب سيس تجديد هدنته على ما كانت عليه فامتنع السلطان من ذلك وطلب منهم عدة قلاع كانت قد أحدثت فى الأيام المنصورية الحسامية كما تقدم فتوقفوا فى إعطائها ثم بذلوا بعضها فلم يوافق السلطان على ذلك، وجرد هذه العساكر، ودخلوا إلى بلاد سيس، ولما وصلوا إلى نهرجان [1] وأرادوا قطعه غرق من العساكر نحو ألف فارس أكثرهم من عسكر طرابلس والتركمان، ثم دخل العسكر وأغاروا وشعثوا وأقاموا ببلاد سيس سبعة عشر يوما، ثم خرج العسكر وأقام بسليمة [2] ثم رسم السلطان لهم أن يسوقوا خلف العرب حتى يخرجوهم من المملكة الشامية، ومات فى هذه السفرة من الجيش المجرد من دمشق الأمير بدر الدين بكتوت الشمسى، وكانت وفاته بحلب، ولم يدخل إلى سيس لمرضه- رحمه الله تعالى.
كان السلطان الملك الناصر قد خطب إلى الملك أزبك بن طغولجا بن منكوتمر بن طغان بن باطوخان بن دوشى خان بن جنكزخان ملك البلاد الشمالية من تكون الذرية الجنكيز خانية، وجهز إليه الأمير علاء الدين أيدغدى الخوارزمى وغيره كما تقدم فى سنة ست عشرة وسبعمائة، فلما عرضت كتب السلطان على الملك أزبك قال الترجمان للرسول لما أراد أن يتكلم بالمشافهة:
إن القاضى [4] يعنى الملك أزبك يقول إن كان فى مشافهتك غير السلام فخاطب به الأمراء، ثم جمعت الأمراء مقدمى التمانات، وهم سبعون أميرا،