وفى هذه السنة وردت الأخبار إلى الشام بما حصل بديار بكر والموصل وإربل وماردين [2] والجزيرة وميافارقين [3] وغيرها من الغلاء العظيم والجلاء وخراب البلاد وبيع الأولاد.
أما ماردين فبلغ ثمن الرطل الخبز بالدمشقى بها من ثلاثة دراهم إلى أربعة دراهم وعدم غالبا مع عدم بقية الأقوات، ومات خلق كثير من أهلها وأكل الناس الميتة، ومنهم من باع أولاده.
وأما الجزيرة [4] العمرية فقيل إنه مات منها من أول هذه السنة إلى سلخ شهر ربيع الآخر خمسة عشر ألفا بالجوع والوباء وأبيع من الأولاد نحو ثلاثة آلاف صبي، وكان الصبى يباع من خمسين درهما إلى عشرة دراهم [122] ويشتريهم التتار وكان المار بها يمر من باب الجبل إلى باب الشط فلا يجد أحدا إلا أنه يشم روائح الجيف خارجة من البيوت وصارت الكلاب تأكل جيف الناس وتأوى إلى المسجد الجامع، وبطلت الجمعة نحو شهر.
وأما ميا فارقين فمات غالب أهلها بحيث إن المار بأسواقها لم يجد غير ستة حوانيت وأما الموصل فكان الغلاء والجلاء وبيع الأولاد فيها أشد من ماردين حتى خلت الدور من أهلها بعد أن باعوا كل عزيز ونفيس وأكلوا الميتة وحكى أن بعض أهلها باع ولده باثنى عشر درهما وقال هذا الولد أنفقت على