السلطانية فى يوم الثلاثاء السادس والعشرين من الشهر، وكان مضمون رسالتهم- فيما بلغنى- طلب الصلح والموادعة، وكفّ الغارات من الجهتين، وانتظام الصلح، واجتماع كلمة الاتفاق. فأحسن السلطان إلى رسله وأكرمهم، وأعادهم صحبة رسوله علاء الدين على بن الأمير سيف الدين بلبان القليجى أحد مقدمى الحلقة المنصورة، والقاضى سليمان المالكى الشبرايريقى، وشيرايريق قرية من قرى الغربية بالديار المصرية، وهو أحد نوّاب الحكم، وتوجهوا فى ذى القعدة وعادوا فى شهر رمضان سنة خمس وسبعمائة، ومعهم رسل الملك خربندا.
وفيها عزل الأمير ناصر الدين محمد الشيخى [1] عن الوزارة فى أواخر شعبان، ورسم بمصادرته، وصودر وضرب بالمقارع بين يدى عز الدين أيبك الشجاعى شاد الدواوين [2] إلى أن مات، وكان قد أحدث مظالم كثيرة وقصد تجديد ما هو أشنع منها وأفحش من المكوس المنكرة والحوادث التى ما سمع بمثلها، [24] فما أمهله القدر، وأخذه الله تعالى شر إخذة، وأراح الناس من شره.
وكان ناصر الدين فى ابتداء أمره يخيط الأقباع بالقاهرة فى كل يوم بنصف درهم، ثم خدم الأمير شمس الدين بن التيتى [3] وحضر معه من بلاد التتار فى الدولة المنصورية، ثم توصّل وخدم جنديا من الحلقة فأعطى إقطاعا بساحل الغلّة، فبذل فى شد الجهة بذلا ووليها، فظهر منه اجتهاد، ثم نقل إلى شدّ الدواوين مدة، ثم نقل إلى ولاية القاهرة، وتأمّر بطبلخاناه، ثم ولى الجيزية، ومنها إلى الوزارة.