وفى هذه السنة وصل إلى الخدمة السلطانية من بلاد الشرق الأمير بدر الدين جنكلى [1] بن شمس الدين المعروف بالبابا، وهو أحد مقدمى جيوش التتار، ووصل معه أحد عشر نفرا من ألزامه، منهم أخوه نيروز، ووصل الأمير بدر الدين بأهله، وكان مقامه ببلاد [2] آمد وكانت مكاتباته ترد على السلطان ببذل النصيحة للإسلام من مدة طويلة، ثم فارق الآن التتار وجاء، وكان وصوله إلى دمشق فى يوم الثلاثاء حادى عشر ذى القعدة، ثم توجه منها بمن معه ووصلوا إلى الأبواب السلطانية بقلعة الجبل، وأحسن السلطان إليهم، وشملهم بالخلع والإنعام، وأمّر الأمير بدر الدين جنكلى بطبلخاناه، واستمر من جملة الأمراء، وظهر للسلطان من أدبه وعقله وجميل نيته وحسن طاعته وصدق إخلاصه فى الموالاة [3] والمصافاة، وعدم اجتماعه واختلاطه بمن يرتاب منه من أهل الأهواء والفتن، وغير ذلك من الأوصاف الجميلة ما أوجب ترقّيه وانتقاله إلى إمرة المائة، وتقدّمة الألف، ثم إلى رتبة الخصوصية والتقريب والدنو، والجلوس فى مجلس السلطان بالقرب منه، واستشارته والرجوع إلى كثير من آرائه، وهو كذلك إلى الآن.
وفيها أيضا وصل إلى الأبواب السلطانية رسول من جهة الرندراكون [4] البرشنونى صاحب برشنونة يشفع فى النصارى بالديار المصرية [20] أن تفتح كنائسهم على عادتهم، فقبلت شفاعته، ورسم أن يفتح للطائفة اليعاقبة [5] من