والقلب، وهاله جمع الإسلام فأراد أن يخلص بانحيازه من شدة ذلك الكرب، واستمرت المناضلة تمتد بين الفريقين وتنتشر، والمؤمنون قد وفّوا بما عاهدوا الله عليه. فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ

[1] ، ومولانا السلطان يردف مواكبه بحملاته، ويقدم فتخشى الأعداء مواقع مهابته وترجو الأولياء منافع هباته، ويرى غمرات الموت ثمّ يزورها، ويمر فى مجال المنايا فيحلوله مريرها ومزورها [2] ، ويقاسم سيوف العدى شرّ قسمة، فعلى عاتقه غواشيها [3] وفى صدورهم صدورها.

ولما كان وقت المغرب لجأوا- خذلهم الله [36]- إلى هضاب اعتقدوا أن فيها النجاة، وقالوا: نأوى إلى جبل يعصمنا من الموت ونسوا أنه لا عاصم اليوم من أمر الله.

راموا النجاة وكيف تنجو عصبة مطلوبة بالله والسلطان؟

وحصرتهم العساكر الإسلامية بعزائم كالشهاب أو النار [4] ، ودارت عليهم كالسّوّار والسّوار [5] ، وصيّرتهم بقدرة الله فى ربقة الإسار، وقاتلتهم الجيوش المنصورة غير مستجنّة بقرى محصّنة ولا من وراء جدار، تتلظى كبودهم عطشا وجوعا، ويكادون من شدة الهجير يشربون من سيل قتلاهم نجيعا [6] ، ويودّون لو كانوا أولى أجنحة، ويندمون حين رأوا صفقتهم خاسرة وكان ظنهم أنها تكون مربحة، ويأسفون على فوات النجاة، ويتحيّرون عند مواقعة الجيوش المؤيدة حيث رأوا ما شملها من نصر، ويتضرّمون بنار الخيبة على حركتهم التى أدبرت لهم مآبا، وينظرون فيما أسلفوه من ذنوب ولسان الانتقام يتلو عليهم وْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ ما قَدَّمَتْ يَداهُ وَيَقُولُ الْكافِرُ يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً

[7] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015