ودخل يوماً إلى المتوكل. فقدم إليه طعاماً. فغمس أبو العيناء لقمته في خل كان حامضاً، فأكلها وتأذى بالحموضة. وفطن المتوكل فجعل يضحك، فقال: لا تلمني
يا أمير المؤمنين، فقد محت حلاوة الإيمان من قلبي. وقيل لأبي العيناء: لم اتخذت خادمين أسودين. قال: أما أسودان فلئلا أتهم بهما. وأما خادمين. فلئلا يتهما بي. وقال ابن مكرم له يوماً: أحسبك لا تصوم شهر رمضان، فقال: ويلك وتدعني؟ امرأتك أصوم. وقال أبو العيناء: مررت يوماً في درب بسر من رأى، فقال لي غلامي. يا مولاي في الدرب حمل سمين والدرب خال. فأمرته أن يأخذه وغطيته بطيلساني وصرت به إلى منزلي. فلما كان من الغد جاءتني رقعة من بعض رؤساء ذلك الدرب مكتوب فيها، جعلت فداك ضاع لنا بالأمس حمل فأخبرني صبيان دربنا أنك أنت أخذته فأمر برده متفضلاً، فكتبت إليه: يا سبحان الله: ما أعجب هذا الأمر مشايخ دربنا يزعمون أنك بغاء. وأكذبهم أنا ولا أصدقهم. وتصدق أنت صبيان دربك أني أخذت الحمل، قال: فسكت وما عاودني. وأكل يوماً عند بعض أصحابه طعاماً وغسل يده عشر مرات ولم تنق، فقال: كادت هذه القدر تكون نسباً وصهراً. وقال يوماً لابن ثوابة: إذا شهدت على الناس ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يكسبون، شهد عليك أنتن عضوفيك. ودق عليه إنسان الباب. فقال: من هذا. قال أنا، أنا والدق سواء. وقال ابن مكرم يوماً: كان ابن الكلبي صاحب البريد يحب أن يشم الخري، فقال أبو العيناء لو رآك لترشفك. وسأل إبراهيم ابن ميمون حاجةً فدفعه عنها واعتذر إليه. وحلف له أنه صدقه. فقال: والله لقد سرني صدقك. لعوز الصدق عنك. فمن صدقه حرمان كيف يكون كذبه. ولقيه بعض الكتاب في السحر. فقال متعجباً منه ومن بكوره: أبا عبد الله أتبكر في مثل هذا الوقت، فقال له: أتشاركني في الفعل وتنفرد بالتعجب. واعترضه يوماً احمد بن سعيد فسلم عليه، فقال له أبو العيناء: من أنت؟ قال: أنا أحمد بن سعيد، فقال: إني بك لعارف. ولكن عهدي بصوتك يرتفع إلي من أسفل فماله؟ ينحدر علي من علو، قال: لأني راكب، فقال: عهدي بك وأنت في طمرين لو أقسمت على الله في رغيف لأعضك بما تكره. وقال ابن وثاب يوماً لأبي العيناء. أنا والله! أحبك بكليتي، فقال أبو العيناء: إلا بعضو واحد أيدك الله. فبلغ ذلك ابن أبي دؤاد فقال: قد وفق في التحديد عليه. وقال أبو العيناء: أنا أول من أظهر العقوق بالبصرة، قال لي أبي: يا بني إن الله تعالى قرن طاعته بطاعتي، فقال: اشكر لي ولوالديك فقلت له: يا أب إن الله ائتمنني عليك ولم يأتمنك علي، فقال: تعالى " ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق ". وسئل يوماً عن ابن طوق مالك، فقال لو كان في بني إسرائيل ثم نزلت آية البقرة ما ذبحوا غيره. وقال يوماً لجارية مغنية: أنا اشتهي أني.. قالت له: ذاك يوم عماك. فقال: يا ستي فالساعة بالنقد فقد سبق بالشرط. وبات ليلةً عند ابن مكرم. فجعل ابن مكرم يفسو عليه. فقام أبو العيناء وصعد السرير. فارتفع إليه فساؤه فصعد إلى السطح. فبلغته رائحته. فقال: يا ابن الفاعلة ما فساؤك إلا دعوة مظلوم. وقدم إليه ابن مكرم يوماً جنب شواء. فلما جسه. قال ليس هذا جنباً هذا سريجة قصب. وذكر يوماً ولد موسى بن عيسى فقال: كأن أنوفهم قبور نصبت على غير قبلة. وقال له رجل من ولد سعيد بن سلم: إن أبي يبغضك، فقال يا بني: لي إسوة بآل محمد صلى الله عليه وسلم. يا أمير المؤمنين، فقد محت حلاوة الإيمان من قلبي. وقيل لأبي العيناء: لم اتخذت خادمين أسودين. قال: أما أسودان فلئلا أتهم بهما. وأما خادمين. فلئلا يتهما بي. وقال ابن مكرم له يوماً: أحسبك لا تصوم شهر رمضان، فقال: ويلك وتدعني؟ امرأتك أصوم. وقال أبو العيناء: مررت يوماً في درب بسر من رأى، فقال لي غلامي. يا مولاي في الدرب حمل سمين والدرب خال. فأمرته أن يأخذه وغطيته بطيلساني وصرت به إلى منزلي. فلما كان من الغد جاءتني رقعة من بعض رؤساء ذلك الدرب مكتوب فيها، جعلت فداك ضاع لنا بالأمس حمل فأخبرني صبيان دربنا أنك أنت أخذته فأمر برده متفضلاً، فكتبت إليه: يا سبحان الله: ما أعجب هذا الأمر مشايخ دربنا يزعمون أنك بغاء. وأكذبهم أنا ولا أصدقهم. وتصدق أنت صبيان دربك أني أخذت الحمل، قال: فسكت وما عاودني. وأكل يوماً عند بعض أصحابه طعاماً وغسل يده عشر مرات ولم تنق، فقال: كادت هذه القدر تكون نسباً وصهراً. وقال يوماً لابن ثوابة: إذا شهدت على الناس ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يكسبون، شهد عليك أنتن عضوفيك. ودق عليه إنسان الباب. فقال: من هذا. قال أنا، أنا والدق سواء. وقال ابن مكرم يوماً: كان ابن الكلبي صاحب البريد يحب أن يشم الخري، فقال أبو العيناء لو رآك لترشفك. وسأل إبراهيم ابن ميمون حاجةً فدفعه عنها واعتذر إليه. وحلف له أنه صدقه. فقال: والله لقد سرني صدقك. لعوز الصدق عنك. فمن صدقه حرمان كيف يكون كذبه. ولقيه بعض الكتاب في السحر. فقال متعجباً منه ومن بكوره: أبا عبد الله أتبكر في مثل هذا الوقت، فقال له: أتشاركني في الفعل وتنفرد بالتعجب. واعترضه يوماً احمد بن سعيد فسلم عليه، فقال له أبو العيناء: من أنت؟ قال: أنا