الخطاب، هل هو مما يحتج به، كالعموم المخصوص، ودليل الخطاب، والقياس، وغير ذلك. فهذا ونحوه مما يتبين به بعض أعذار العلماء.
قال أبو محمد بن حزم:
وقوم قالوا: إجماع كل عصر إجماع صحيح إذا لم يتقدم قبله في تلك المسألة خلاف، وهذا هو الصحيح؛ لإجماع العلماء عند التفصيل عليه، واحتجاجهم به، وترك ما أصَّلوه له ... إلى أن قال:
وصفة الإجماع هو ما تُيُقن أنه لا خلاف فيه بين أحد من علماء الإسلام، ونعلم ذلك من حيث علمنا الأخبارَ التي لا يتخالج فيها شك، مثل أن المسلمين خرجوا من الحجاز إلى اليمن (?) ففتحوا العراق وخراسان ومصر والشام، وأن بني أمية ملكوا دهرا، ثم ملك بنو العباس، وأنه كانت وقعة صفين والحرة، وسائر ذلك مما يُعلم بيقينٍ وضرورةٍ. (?)
وقال:
إنما ندخل في هذا الكتاب الإجماع التام الذي لا مخالف فيه البتة، الذي يُعلم كما يُعلم أن صلاة الصبح في الأمن والخوف ركعتان، وأن شهر رمضان هو الذي بين شوال وشعبان، وأن هذا الذي في المصاحف هو الذي أتى به محمد صلى الله عليه وسلم وأخبر أنه وحي من الله إليه، وأن في خمسٍ من الابل شاةً، ونحو ذلك، وهي ضرورة تقع في نفس الباحث عن الخبر المشرف على وجوه نقله - إذا تتبعها المرء في نفسه في كل ما جرَّبه من أحوال دنياه - وَجَدَهُ ثابتا مستقرا في نفسه. (?)
وقال أيضا في آخر كتابه - كتاب الإجماع -:
هذا كل ما كتبنا، فهو يقين لا شك فيه، مُتَيَقَّنٌ لا يَحِلُّ لِأَحدٍ خلافُه البتة. (?)
قلت
فقد اشترط في الإجماع ما يشترطه كثير من أهل الكلام والفقه كما تقدم:
وهو العلم بنفي الخلاف، وأن يكون العلم بالإجماع تواترا.
وجعل العلم بالإجماع من العلوم الضرورية، كالعلم بعلوم الأخبار المتواترة عند الأكثرين.
ومعلوم أن كثيرا من الإجماعات