ينسج خيوطه حوله ليقتله، ويحول بينه وبين الحياة الكريمة. ولقد ابتدع القوميات الضيقة واستجباها بشتى الأساليب لينال من كيان هذا الدين، فلما سقطت أمام الإسلام في المعركة دس أتباعه تحت لواء القومية العربية، وزودهم بضروب من الادعاء ليزحموا العرب المخلصين في هذا الميدان، ولينالوا من الإسلام بطريقة أخرى، وتفسير القومية العربية هذا التفسير الكفور الكنود، هو حرب أخرى ضد الإسلام، وإنه لجدير أن يتسمى هؤلاء بأتباع القومية العبرية لا العربية، أليسوا يعملون لمصلحة الاستعمار وإسرائيل؟ ولقد مرت أربعة عشر قرنا على اشتباك العروبة بالإسلام، أو بتعبيرنا نحن أهل الإيمان: على تشريف الله للعرب بحمل هذه الأمانة وإبلاغها للناس، ونظرة إلى الماضي البعيد تعرفنا بسهولة أن العرب مرت عليهم أدهار قبل الإسلام لم يكونوا فيها شيئا مذكورا، ثم جاء هذا الدين فدخلوا التاريخ به، وطار صيتهم تحت رايته، وصدق الله إذ يقول {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ} [الزخرف: 44] ثم أخطأ العرب، فظنوا هذا الدين العالمي الذي نزلت فيهم آياته، يمنحهم امتيازا خاصا، ويجعلهم عنصرا أرقى من سائر الأجناس، ونشأ عن هذا الخطأ رد الفعل الذي لا بد منه، فقامت الشعوب الأخرى تدافع عن قيمة دمائها وكرامة عنصرها، وهذه