الصلاة الوسطى هكذا، وشبك بين أصابعه» (?)، فليس مراده الاختلاف المؤدي إلى التقاطع والمعاداة والتهاجر، وإنما أراد تباين آرائهم في تحديد الصلاة الوسطى وكثرة أقوالهم فيها.
تقدم أن من أسباب قلة الاختلاف بين الصحابة والتابعين - رضي الله عنهم - كراهتهم له، وكراهة المرء للشيء تدعوه إلى تركه والإعراض عنه، وقد جاء في القرآن النهي عن الاختلاف وذمه وذم أهله، كقوله تعالى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (?)، وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} (?).
ومن الأسباب التي جعلت الصحابة يبغضون الاختلاف وينفرون منه ما كانوا يرونه من بغض النبي - صلى الله عليه وسلم - له ونهيه عنه؛ خاصةً الاختلاف في القرآن الكريم، فحين رأى اختلاف الصحابة في بعض آيات الكتاب خرج إليهم مغضباً كأنما فقئ في وجهه حب الرمان، وقال لهم: «بهذا أمرتم، أو بهذا بعثتم؟ ! أن تضربوا كتاب