أسباب أن تكون أقسام تأليف هذه الأسباب بعضها إلى بعض جارياً هذا المجرى، وأن يكون تعديد هذه التأليفات إذا استوعب وأضيف ذلك إلى عدة الأسباب المفردات من غير تأليف، فقد أتى على جميع الأسباب التي يجب الكلام فيها من أمر الشعر، فأقول: إنه لما كانت الأسباب المفردات التي يحيط بها على حد الشعر على ما قدمنا القول فيه أربعة، وهي اللفظ، والمعنى، والوزن، والتقفية، وجب - بحسب هذا العدد - أن يكون لها ستة اضرب من التأليف، إلا أني وجدت اللفظ والمعنى والوزن تأتلف، فيحدث من ائتلافها بعضها إلى بعض معان يتكلم فيها، ولم أجد للقافية مع واحد من سائر الأسباب الأخر ائتلافاً، إلا أني نظرت فيها فوجدتها، من جهة ما، أنها تدل على معنى لذلك المعنى الذي تدل عليه ائتلاف مع معنى سائر البيت، فأما مع غيره فلا، لأن القافية إنما هي لفظة مثل لفظ سائر البيت من الشعر، ولها دلالة على معنى، كما لذلك اللفظ أيضاً، والوزن شيء واقع على جميع لفظ الشعر الدال على المعنى، فإذا كان ذلك كذلك فقد انتظم تأليف الثلاثة الأمور الأخر ائتلاف القافية أيضاً، إذ كانت لا تعدو أنها لفظة كسائر لفظ الشعر المؤتلف مع غيره.
فأما من جهة ما هي قافية، فليس ذلك ذاتاً يجب لها أن يكون لها به ائتلاف مع شيء آخر، إذ كانت هذه اللفظة إنما قيل فيها: إنها قافية من أجل أنها مقطع البيت وآخره، وليس أنها مقطع ذاتي لها، وإنما هو شيء عرض لها بسبب أنه لم يوجد بعدها لفظ من البيت غيرها، وليس الترتيب، وأن لا يوجد للشيء تال يتلوه، ذاتاً قائمةً فيه، فهذا هو السبب في أن لم يكن للقافية من جهة ما هي قافية تأليف مع غيرها.
فأما من جهة ما تدل عليه، فإن ذلك تأليف معنى إلى ما يتألف معه، إلا أني نسبته في هذا الكتاب إلى القافية على سبيل التسمية، وإن أراد مريد أن ينسب ذلك إلى أنه تأليف معنى القافية إلى ما يتألف معه لم أضايقه، فصار ما حدث من أقسام ائتلاف بعض هذه الأسباب إلى بعض: أربعة، وهي: ائتلاف اللفظ مع المعنى، وائتلاف اللفظ مع الوزن، وائتلاف المعنى مع الوزن، وائتلاف المعنى مع القافية، وصارت أجناس الشعر ثمانية، وهي: الأربعة المفردات البسائط التي يدل عليها حده، والأربعة المؤلفات منها.
ولما كان لكل واحد من هذه الثمانية صفات يمدح بها، وأحوال يعاب من أجلها، وجب أ، يكون