قفُوا خبرونِي عن سليمانَ إنَّني ... لمعروفِهِ من أَهْل ودانَ طالبُ
فعاجُوا فأثنوْا بالذِي أنت أَهْلُهُ ... ولو سكَتُوا أثنتْ عليكَ الحقائبُ
هوَ البدرُ والناسُ الكواكبُ حولهُ ... وهل يشبهُ البدرَ المضيءَ الكواكبُ
ومثل قول الحزين الكناني في عبد الله بن عبد الملك بن مروان، وقد وفد عليه وهو عامل مصر:
لمَّا وقفتُ عليهِ في الجُموع ضحىً ... وقدْ تعرضتِ الحجابُ والخِدَمُ
حييتُهُ بسلامٍ وهوَ مرتفقٌ ... وضجةُ القومِ عندَ الباب تزدحِمُ
في كفهِ خيزرانٌ ريحُهُا عبقٌ ... من كفِّ أروعَ في عرنينهِ شممُ
يغضى حياءً ويغضَى من مهابَتِهِ ... فَمَا يكلمُ إلا حينَ يبتسِمُ
كلتَا يديهِ ربيعٌ غيرُ ذي خَلَفٍ ... هُذِي خروجٌ وهذِي عارض هَزِمُ
ومثل قول أبي العتاهية في الهادي بن المهدي:
يَضْطَرِبُ الخَوْفُ والرجاءُ إذا ... حرَّكَ موسَى القضيبَ أو فَكَّرْ
وأما مدح ذوي الصناعات، فأن يمدح الوزير والكاتب بما يليق بالفكرة والروية وحسن التنفيذ والسياسة، فإن انضاف إلى ذلك الوصف بالسرعة في إصابة الحزم والاستغناء بحضور الذهن عن الإبطاء لطلب الإصابة، كان أحسن وأكمل للمدح، كما قال:
بَدِيهتُهُ وفِكْرَتُهُ سوَاءٌ ... إذا بعُدَ الصوابُ من المُشير
وكما قال أشجع:
بديهتُهُ مثلُ تفكيرهِ ... مَتَى رُمْتَهُ فهوَ مستجمِعُ
وكما قال منصور النمري:
وليْسَ لأعباءِ الأمورِ إذا اعْتَرَتْ ... بمكترثٍ لكنْ لهنَّ صبورُ
يرَى ساكِنَ الأوصالِ باسطَ وجههِ ... يريكَ الهوينَا والأمورُ تطيرُ
وأما مدح القائد فيما يجانس البأس والنجدة، ويدخل في باب شدة البطش والبسالة، فإن أضيف إلى ذلك المدح بالجود والسماحة والتخرق في البذل والعطية، كان المديح حسناً، والنعت تاماً، إذ كان لهم السخاء أخا الشجاعة، وكانا في أكثر الأمور